لا يبدو أن المنطقة الشمالية، التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، ستبقى بعيدة عن أولويات القيادة في دمشق. على لسان الرئيس السوري بشار الأسد، جاء التهديد باللجوء الى القوة العسكرية لاستعادة المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة في الشمال السوري، في حال فشل المفاوضات. وقال الأسد في مقابلة بثتها قناة «روسيا اليوم»، صباح اليوم، إنه بعد تحرير مناطق عدة في البلاد «باتت المشكلة الوحيدة المتبقية في سوريا هي قوات سوريا الديموقراطية»، المؤلفة من فصائل كردية وعربية مدعومة من واشنطن.
وتعدّ قوات سوريا الديموقراطية القوة العسكرية الثانية الأكثر نفوذاً بعد القوات الحكومية السورية، إذ تسيطر على مناطق واسعة في شمال وشرق سوريا، وقد خاضت معارك عدة ضد تنظيم «داعش» في عدد من هذه المناطق، لا سيّما مدينة الرقة، وتمكّنت من طرده منها، بدعم من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، الذي يوفر لها الغطاء الجوي ويدعمها بالتدريب والسلاح. الرئيس الأسد في كلامه لم يجزم بالتوجه الى الخيار العسكري، بل لوّح به خياراً اضطرارياً في حال لم تنجح المفاوضات. وقال: «سنتعامل معها (قوات سوريا الديموقراطية) عبر خيارين، الخيار الأول هو أننا بدأنا الآن بفتح الأبواب أمام المفاوضات، لأن غالبية هذه القوات هي من السوريين... إذا لم يحدث ذلك، فسنلجأ إلى تحرير تلك المناطق بالقوة. ليس لدينا أي خيارات أخرى، بوجود الأميركيين أو بعدم وجودهم».

هذه التصريحات لا تعدّ جديدة على مستوى أزمة الشمال السوري. الجديد هو توقيتها، وهي تأتي على لسان الأسد بلغة التهديد، ما جعل منها مؤشراً مهماً على ما قد تؤول اليه الأوضاع شمالاً. وسبق أن اشتبكت قوات سوريا الديموقراطية مع قوات موالية لدمشق على ضفاف نهر الفرات، كما قصف التحالف الدولي، وتحديداً الطائرات الأميركية، مواقع تابعة للقوات الحكومية وحلفائها مرات عدة في المنطقة. وتقيم القوات الأميركية قواعد عديدة في المنطقة التي تسيطر عليها «قسد»، بالإضافة الى حضور قوات فرنسية جديدة الى جانب الأميركية الى المنطقة. في المقابل، قال متحدث باسم قوات سوريا الديموقراطية لوكالة «فرانس برس» إن «قيادة هذه القوات على علم بالمقابلة لكن ليس لديها أي تعليق فوري». وامتنع الكولونيل شون راين، المتحدث باسم التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، عن تحديد كيفية تعامل التحالف مع هجوم محتمل للقوات الحكومية على قوات سوريا الديموقراطية، واكتفى بالقول: «قامت قوات سوريا الديموقراطية بعمل رائع عبر المساهمة في دحر داعش من ميدان المعركة، ويجب الإشادة بهم وليس تهديدهم».
الرئيس الأسد عاد وأكّد أن «من المستحيل أن نتعمّد ترك أي منطقة على التراب السوري خارج سيطرتنا كحكومة»، ورأى أنه عند فشل تحقيق «المصالحات»، فإن «الطريقة الوحيدة التي يمكن اللجوء إليها هي استخدام القوّة». وقال: «على الأميركيين أن يغادروا (سوريا) وسيغادرون بشكل ما».