يتفاعل التهديد الأخير الذي أطلقه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بخصوص تنفيذ القوات التركية عملية عسكرية وشيكة ضد المسلحين الأكراد في منطقة شرق الفرات في الأراضي السورية. الردود الدولية على مدى اليوم والأمس، أتت بمجملها رافضة للتصعيد التركي، معززة الدعوة «للحوار» والحؤول دون العمل العسكري. أما ميدانياً، فتتابع «قوات سوريا الديموقراطية»، بمعاونة «التحالف الدولي»، معاركها ضد تنظيم «داعش» الذي تشهد دفاعاته انكسارات كبيرة.طلبت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، يوم أمس السبت، من تركيا «الامتناع عن أي تحرك أحادي الجانب في سوريا»، بعد تهديد أنقرة بشن هجوم جديد على التنظيمات الكردية التي تدعمها واشنطن. واعتبرت موغيريني في بيان أن «التصريحات عن عملية عسكرية تركية جديدة محتملة في شمال شرقي سوريا، هي مصدر قلق». وأضافت أنها «تتوقع من السلطات التركية الامتناع عن أي تحرك أحادي الجانب من شأنه أن يقوّض جهود التحالف ضد داعش أو تصعيد عدم الاستقرار في سوريا». وبعدما اعتبرت موغيريني أن «التصدي لمسلحي تنظيم داعش دخل مرحلته النهائية»، دعت «الأطراف كافة إلى العمل على تحقيق هدف إلحاق الهزيمة به قريباً، والذي يبقى هدفاً لا غنى عنه لأي حل دائم للأزمة السورية»، على حد موغيريني.
بموازاة ذلك، ذكر مدير المجلس الروسي للشؤون الدولية، أندريه كورتونوف، أنَّ «لروسيا، من خلال تدخلها في الأزمة السورية، أربعة أهداف، أولها إعادة سيطرة الحكومة على دمشق ومحيطها، والثاني إعادة الإعمار، والهدف الثالث هو عودة اللاجئين السوريين من لبنان والأردن، أما الرابع فهو تنظيف المناطق من الإرهابيين». كما كشف كورتونوف عن سعي روسيا للتوصل إلى «اتفاق مع تركيا لتغيير موقف أنقرة من الأكراد».
في غضون ذلك، نقلت تنسيقيات المسلَّحين عن أحد المسؤولين في «الجيش الحر» المدعوم تركياً، المدعو مصطفى سيجري، قوله، إنَّهم «لم يتلقوا أي تهديدات من الجانب الأميركي في شأن المشاركة في عملية شرق الفرات»، لافتاً إلى أن «الرسائل كانت عبارة عن تخوفات والمشاورات ما زالت مستمرة في هذا الشأن».
وأوضح سيجري أن «للجيش الحر الحق في حماية وحدة الأراضي السورية ومنع أي محاولة للتقسيم»، مضيفاً: «لا يمكن الصمت طويلاً مع استمرار عمليات التهجير والتغيير الديموغرافي في مناطق شرق الفرات، ولا بد من عودة السكان الأصليين المهجرين قسرياً بسبب ممارسات سلطة الأمر الواقع في مناطق شمال شرقي سوريا ونتحدث هنا عن مئات الآلاف من المدنيين». من جهة أخرى بيّن سيجري أن «أي معركة عسكرية لفصائل الجيش الحر في شرق الفرات لا تستهدف جهود واشنطن في الحرب على الإرهاب، ولن نسمح لقسد أن تستمر في تخويف العالم وابتزازه بدعوى محاربة داعش وسنفضح التعاون القائم بين قسد وداعش، ونحن على استعداد تام لإرسال قواتنا بالتعاون مع التحالف الدولي للقضاء على داعش».
ميدانياً، دمر «التحالف الدولي» بقيادة الولايات المتحدة، يوم أمس، مركز قيادة لتنظيم «داعش» في مسجد هجين، في الجيب الأخير لـ«داعش» شرق سوريا، كما جاء في بيان للجيش الأميركي. وأوضح البيان أن «16 على الأقل من مقاتلي داعش المدجّجين بالسلاح، كانوا موجودين في مركز القيادة والمراقبة في هذا المسجد الذي دمرته ضربة محكمة». وأوضح الجيش الأميركي أن «الموقع كان يُستخدم لقيادة هجمات تستهدف شركاء التحالف»، متهماً التنظيم بـ«الاستمرار في استخدام مواقع محمية لشن هجمات، مع استهتار تام بالمباني، وكذلك بأرواح الأبرياء». وتعهد «التحالف الدولي» بإنهاء تواجد «داعش» في سوريا قريباً، قائلاً «إن عملية تطهير آخر جيب للتنظيم في شرق البلاد تجري على ما يرام». وشدّد الناطق الرسمي باسم «التحالف»، الكولونيل شون رايان، في تصريح أدلى به، على أن «التنظيم الإرهابي سيعيش قريباً أيامه الأخيرة في سوريا»، محذراً من أن «داعش على رغم اقتراب هزيمته لا يزال يشكل خطراً»، موضحاً أن «المعركة لم تنته بعد ويظل التنظيم قادراً على شن هجمات منسقة».