بروكسل | تصدّرت قضايا التعافي المبكر، وتضاعف الاحتياجات الإنسانية، وتأثيرات العقوبات على العمل الإنساني في سوريا، أجندة «يوم الحوار السوري» الذي نظّمه الاتحاد الأوروبي ضمن فعاليات «مؤتمر بروكسل السابع لدعم مستقبل سوريا»، والذي انطلق أمس بحضور ممثّلين عن المجتمع المدني والمنظّمات الدولية العاملة في سوريا، ويُختتم اليوم بمؤتمر وزاري يقدّم فيه المانحون تعهّداتهم الرئيسة. ويبدو الحضور الوزاري، هذا العام، خجولاً نسبياً، خصوصاً على مستوى دول المنطقة؛ إذ لم يؤكّد المفوّض الأوروبي، في مؤتمره الصحافي السابق للمؤتمر، مشاركة السعودية والإمارات، قائلاً إن الأبواب لا تزال مفتوحة للانضمام، علماً أن الرياض وأبو ظبي تُعدّان أبرز المساهمين من المنطقة العربية، وقد دأبتا على حضور المؤتمر طوال السنوات الماضية وتقديم الدعم من خلاله، بينما تمّ تأكيد حضور الكويت وقطر.ويتطلّع الاتحاد الأوروبي إلى زيادة المخصّصات المقدَّمة لسوريا في العام الجاري، نظراً إلى تغيّر الاحتياجات الإنسانية، بينما بدا واضحاً، خلال جلسات «يوم الحوار»، تخوّف المتحدّثين السوريين والعاملين في المجال الإنساني، من نسيان القضية السورية، وبالتالي تراجع الدعم المقدَّم للداخل السوري ودول الجوار التي تحتضن النازحين. وفي هذا الإطار، يقول المتحدث باسم الاتحاد، لويس ميغيل، في تصريح إلى «الأخبار»، إن «هدف المؤتمر هو عدم نسيان القضية السورية»، مضيفاً أن «الخطاب الأوروبي بالعموم يؤكد أن القضايا الأخرى في العالم لا تؤثّر على أولوية سوريا». ويلفت إلى أن «الاتحاد أكبر مانح لسوريا بـ30 مليار دولار منذ عام 2011 حتى الآن»، وهو ما يتكرّر دائماً على لسان معظم المتحدّثين الأوروبيين خلال المؤتمر الذي تعهّدت الدول في نسخته السادسة بتقديم 4.1 مليارات دولار كمساعدات غير مشروطة. وبحسب لويس، فإن هذا الرقم ارتفع في كانون الأول 2022، إلى 7.3 مليارات دولار.
من جهتها، تشير المدير الإقليمي لـ«اليونيسف» في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أديل خضر، إلى ارتفاع نسبة الأطفال السوريين الذين يعانون نقص تغذية إلى 80%، في ظلّ انخفاض مستوى خدمات المياه والصرف الصحي وغيرها، ما يستدعي «العمل على التعافي المبكر، الذي من دونه سينهار نظام التعليم»، مشدّدةً على ضرورة أن «يكون التمويل طويل الأمد ومرناً وغير مشروط، بما يتيح لليونيسف التحرّك وفق الاحتياجات». ويمثّل التحدّي الطاقوي إحدى أكبر العقبات أمام مشاريع التعافي؛ إذ يبيّن معتز أدهم، مدير «أوكسفام»، خلال مشاركته في «يوم الحوار»، أن «عدم توفّر الطاقة وتدمير شبكات الكهرباء يساهمان في تردّي وضع البلاد» التي تعاني ما يسمّيه «الفقر الطاقوي»، منبّهاً إلى «أهمّية تكامل المشاريع»، ضارباً مثلاً «مشاريع شبكات المياه التي يتمّ تمويلها من قِبَل المانحين، وتنفيذها من قِبل الشركاء في الداخل السوري، وتحتاج إلى الكهرباء لكي تعمل». ويدعو أدهم إلى «توسيع الاستثناءات الإنسانية المتعلّقة بالعقوبات وتمديدها»، وهو ما طالب به أيضاً المتحدّثون باسم «الصليب الأحمر»، الذين شدّدوا على ضرورة مراجعة تأثير العقوبات. مع ذلك، تظلّ استدامة المشاريع الهاجس الأكبر لدى الفاعلين المدنيين في سوريا الذين نبّهوا في مداخلاتهم إلى أهمية توفير تمويل مستمرّ. ولا يوجد حتى الآن رقم دقيق للتبرّعات التي من المفترض أن يقدّمها المانحون خلال المؤتمر، لكن من المتوقّع أن لا تقلّ عن تعهّدات العام الماضي، وسط محاولات المنظّمين حثّهم على مضاعفتها.
أمّا الشقّ السياسي فلم يكن حاضراً كثيراً في اليوم الأوّل، وإن كان الاتحاد الأوروبي ذكّر بشكل واضح، في تقديمه للمؤتمر، بضرورة السير بعملية سياسية وفق القرار 2254، فيما كرّر المسؤولون الذين التقتهم «الأخبار» ربط إعادة الإعمار بالحلّ السياسي، مبدين في الوقت نفسه انفتاحاً كبيراً على مبدأ «خطوة مقابل خطوة»، ومؤكدين أن هناك نقاشاً يجري حول تأثير الاستثناءات الإنسانية وإمكانية توسيعها.