دمشق | على الرغم من مضيّ عدّة أشهر على إطلاق منصّة «تشارك» التي من شأنها «توفير مجموعة من الخدمات والمعلومات التي تحتاج إليها المنظمات غير الحكومية في سوريا»، وفق ملفّها التعريفي، يبدو أن غاية المنصّة المتمثّلة في تعزيز التنسيق بين تلك المنظّمات والجهات المعنيّة «لتحسين أداء الأولى وقدرتها على تحقيق أهدافها» في تلبية احتياجات أكبر شريحة ممكنة من المجتمع السوري، لم تتحقّق بعد. ويبرز من بين معوّقات تحقيق هذه الغاية، وجود نقص في مكوّنات «تشارك» التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، والتي كان من المفترض أن تشكّل نافذة لدعم موارد المنظّمات وبناء قدراتها. ومع ذلك، أطلقت الوزارة من جديد، وضمن الإطار نفسه، مجموعة من الورشات الحوارية التشاورية لتعزيز العمل التشاركي للمنظمات غير الحكومية تحت عنوان «شمل» (شؤون مجتمعية للتشاور)، سعياً للمِّ شمل الطاقات والخبرات والقدرات لدى المجموعات المذكورة على اختلاف تخصّصاتها.الحوار المجتمعي الشامل، الذي أقيم لأوّل مرّة ضمن القطاع الأهلي في سوريا واختُتم قبل حوالي أسبوع، أعاد تعريف أشكال المنظمات غير الحكومية (البالغ عددها حوالي 1800) من مؤسّسات وجمعيات وفِرق تطوّعية وأدوارها، وسلّط الضوء على ما تخلّفه من آثار في المجالات الخيرية والتنموية والعلمية والطبية والاجتماعية والبيئية وغيرها. وتركّزت محاور الورشات التي أقيمت في مختلف المحافظات على تحليل نقاط الضعف والقوة والتحدّيات والفرص في عمل هذه المنظمات، متطرّقةً إلى الحالة العامة للتمويل والحوكمة والتصنيف المعياري والأنشطة والتخصّصات والتقييم وقياس الأثر وآليات الاستهداف.
حضرَ ورشة محافظة دمشق 55 شخصاً، بينما تضمّ المحافظة 650 منظّمة غير حكومية مرخّصة


وحضرَ ورشة محافظة دمشق 55 شخصاً، بينما تضمّ المحافظة 650 منظّمة غير حكومية مرخّصة. وناقش المشاركون ما يواجههم من عقبات متعلّقة بالتسهيلات الحكومية والتمويل والتسويق وتطبيق قانون الجمعيات (الصادر عام 1958)، وتبادلوا الآراء حول كيفية التعاون و«التشبيك» في ما بينهم، وتحقيق فائدة أكبر لجمهورهم المستهدف. أمّا مطالبهم الرئيسة، فتمحورت حول إقامة مؤتمرات سنوية شاملة، وتقييم عمل المنظمات بمختلف تخصّصاتها، ووضع خريطة تعريفية لـ«تعزيز التشاركية» بين جميع الأطراف، وتفعيل دور الاتحادات والمنتديات في القطاع الأهلي للارتقاء بمستوى الخدمات المقدَّمة للمجتمع.
وتعتقد المشارِكة في ورشة دمشق، أماني قبطري، أن الورشة «خرجت من النمطية المعتادة في عمل المؤسسات الحكومية، واتّسمت بالنقاشات الغنية والطموحة والمرونة في الطرح، وقرّبت مسافة التفكير بين المنظمات المشاركة، ما يساهم في تخطيط العمل المجتمعي بناءً على تجارب محلّية حقيقية وليس قوالب جاهزة». وترى قبطري، التي تملك تجربة طويلة في العمل الأهلي والمجتمعي، في حديث إلى «الأخبار»، أن «الحوار الذي أتاحته الورشات والأفكار المتبادلة هو أولى خطوات العمل، لكنّنا بحاجة إلى ورشات لاحقة تضمن فهم النهج التشاركي، وتنقلنا إلى الحديث عن مستوى أفضل من الخدمة المجتمعية». ويرى المشارك عمر المالكي، الذي حضر معظم الحوارات المتعلّقة بالعمل المجتمعي المقامة منذ بداية الحرب السورية، بدوره، أن «هذا الحوار مختلف، لما سبقه من تحضير من قبل الوزارة، ولما اتّسم به من احترام للآراء وابتعاد عن الجدلية».
من جهته، شكر وزير الشؤون الاجتماعية والعمل، لؤي المنجد، خلال حضوره الورشة، تجاوب المنظمات مع مبادرة الوزارة التي ارتأت «البدء من بناء قاعدة صلبة قوية، قبل أن تصدر القوانين والتشريعات، فالقانون هو أداة لتحقيق رؤية، وإذا لم تكن هذه الرؤية موجودة، يصبح القانون عقبة في وجه العمل، ومعوّقاً للكثير من الإجراءات على الأرض»، موضحاً، في تصريح صحافي، أن «الهدف من الورشات هو إعطاء فرصة لأصحاب القطاع الأهلي للتعبير عن رأيهم والخروج بأفكار تؤدي إلى تعزيز دور هذه المنظمات في المرحلة القادمة»، واعداً بـ«أخذ جميع مخرجات الحوار على محمل الجد».