بينما تعدّدت التحليلات حول نتائج القمّة العربية الأخيرة في مدينة جدة، والتي صاحبتها عودة العلاقات السورية مع بعض العواصم العربية، شدّد الرئيس السوري، بشار الأسد، على أن «مرحلة وضع الحلول» هي التي تشير إلى أن العلاقات مع العواصم «تغيّرت بالعمق»، وأنه بعيداً من ذلك «ستبقى العلاقات شكلية» طالما «لا نطرح حلولاً عملية ولا نطرح أفكاراً عملية لأي شيء». وأعرب الأسد، خلال مقابلة أجرتها «سكاي نيوز عربية» معه في قصر المهاجرين، عن أمله «في أن نتمكّن من بناء مؤسسات» تساهم في تقوية هذه العلاقات، لافتاً إلى أن الجامعة العربية لم تلعب هذا الدور لأنها «لم تتحول إلى مؤسسة بالمعنى الحقيقي». وأضاف: «على المستوى العربي، نحن لم نبدأ هذه القطيعة ولم نقم بأي عمل ضد أي دولة عربية، حتى عندما عدنا إلى الجامعة العربية (...) لم أقم بلوم أي طرف»، متابعاً: «نحن نقول ما مضى مضى، نحن دائماً ننظر إلى المستقبل». وأكّد أن الابتعاد عن الصدامات والمشاكل «جزء من سياستنا أو جوهر سياستنا».
وحول موقف حكومته من المعارضة، قال الأسد إن المعارضة التي يتم الاعتراف بها هي تلك «المصنّعة محلياً لا المصنّعة خارجياً»، والتي «تمتلك قاعدة شعبية، وبرنامجاً وطنياً، ووعياً وطنياً»، معتبراً أن «كلمة خارج لا تعني السوء، قد يكون معارضاً داخلياً ومرتبطاً بالخارج، وقد يكون معارضاً في الخارج ولكنه مرتبط بالوطن، فالقضية ليست لها علاقة بالخارج والداخل، لها علاقة بأين تكمن انطلاقتك من الشعب أم من المخابرات الأجنبية».
وعن المفاوضات مع الولايات المتحدة، قال الأسد: «لا أتوقع أنه في المدى المنظور ستكون هناك أيّ نتائج من أي مفاوضات تُعقد مع الأميركي»، مشيراً إلى أن «الحوارات عمرها سنوات بشكل متقطّع ولم يكُن لدينا أمل حتى للحظة واحدة بأن الأميركي سوف يتغير لأنه يأخذ ولا يعطي». وأكّد أن هذه هي «طبيعة العلاقة مع الأميركيين منذ عام 1974 منذ خمسة عقود (...) ولا علاقة لها بأي إدارة من الإدارات».
وتطرّق الأسد إلى ممارسات العدو الإسرائيلي، قائلاً إن استهداف الأخير لـ«الجيش السوري (...) تحت عنوان الوجود الإيراني سيستمر طالما أن إسرائيل هي عدو، وسيستمر طالما أننا نتمكن من إفشال مخططات الإرهابيين ولو جزئياً». وأضاف أن «هذه الضربات ابتدأت عندما ابتدأ الجيش السوري بتحقيق انتصارات مرحلية في المعارك التي يخوضها ونأخذ في الاعتبار أننا لم ننته من الحرب بعد». وأكّد أن سوريا لم تتلقّ أي عروض لتطبيع العلاقات مع العدو، قائلاً: «يعرفون موقفنا منذ بداية مفاوضات السلام في عام 1990، إن لم يكن هناك استعداد إسرائيلي لإعادة الأرض فلا داعي لإضاعة الوقت».
وحول لقائه نظيره التركي، رجب طيب إردوغان، المرافق لاشتراط تركي بعدم وضع شروط مسبقة للقاء، قال الأسد إن «كلمة من دون شروط مسبقة للقاء تعني من دون جدول أعمال، من دون جدول أعمال يعني من دون تحضير، من دون تحضير يعني من دون نتائج»، ساخراً بالقول: «فلماذا نلتقي أنا وإردوغان؟! لكي نشرب المرطبات مثلاً. نحن نريد أن نصل إلى هدف واضح». وفيما لا تزال دمشق تصرّ على انسحاب الجيش التركي كشرط للمضيّ في الخريطة الروسية للتطبيع مع أنقرة، أكّد الأسد أن «هدفنا هو الانسحاب من الأراضي السورية بينما هدف إردوغان هو شرعنة وجود الاحتلال التركي في سوريا، فلذلك لا يمكن أن يتم اللقاء تحت شروط إردوغان».
وبينما تتذرّع تركيا في ضرورة وجود قواتها على الأراضي السورية بمحاربة «الإرهاب» الذي يهدّد الدولة التركية (في إشارة إلى المجموعات الكردية) قال الأسد إن «الإرهاب الموجود في سوريا هو صناعة تركية، جبهة النصرة، أحرار الشام... هي تسميات مختلفة لجهة واحدة كلها صناعة تركية وتموّل حتى هذه اللحظة من تركيا، إذاً عن أي إرهاب يتحدث». لكنّه قال إن «تركيا بلد جار»، ولذا «من الطبيعي أن نسعى لتحسين العلاقة معها ولو أتت ظروف مختلفة في المستقبل بعد انسحاب تركيا من أجل تحسين العلاقات، فمن الطبيعي أن نعود إلى السياسة نفسها، وهي أن تبني علاقات جيدة مع جيرانك، هذه مبادئ وليست سياسات عابرة».
كذلك، اعتبر الأسد أن «العلاقة مع روسيا والعلاقة مع إيران أثبتتا أن سوريا تعرف كيف تختار أصدقاءها بشكل صحيح». وبينما أكّد الوقوف «مع كل طرف فلسطيني يقف ضد إسرائيل لكي يسترد حقوقه»، أشار إلى أن «علاقتنا مع حماس اليوم هي علاقة ضمن المبدأ العام»، مستدركاً بأن هذه «العلاقات لا يمكن أن تعود كما كانت في السابق». وأوضح أنه «من المبكر» الحديث عن مكاتب للحركة في سوريا.