الحسكة | نفّذ طيران مجهول، يُرجّح أنه أميركي، عدواناً على محافظة دير الزور، مستهدفاً عدة مواقع للقوات الرديفة للجيش السوري في مدن دير الزور والميادين والبوكمال وأريافها، وذلك غداة تجدّد استهداف القواعد الأميركية في سوريا. واستهدفت الغارات حي الفيلات في مدينة دير الزور، وشارع الهجّانة في البوكمال، وبلدتي الصالحية والسويعية في ريف المحافظة، وموقعين في الميادين وأطرافها، ما أدى إلى وقوع شهداء ومصابين. وأفادت وكالة الأنباء السورية «سانا» باستشهاد 7 عسكريين ومدني واحد وجرح 19 آخرين جراء الغارات، في حين أعلنت السفارة الإيرانية في دمشق، عبر منشور على منصة «إكس»، استشهاد عنصر في الحرس الثوري الإيراني.
وأكدت مصادر ميدانية، لـ«الأخبار»، أن «العدوان استهدف نحو عشرة مواقع في مناطق متعدّدة في دير الزور والبوكمال والميادين»، كاشفة أنه «استهدف مبنى مقابل المبنى الإداري لجامعة الفرات في حي الفيلات، وكذلك الصالحية في ريف البوكمال، بالإضافة إلى الميادين»، نافية الأنباء عن «وجود شخصيات قيادية إيرانية بين الشهداء»، وذلك رداً على تأكيد مواقع محسوبة على المعارضة السورية أن «الغارات استهدفت اجتماعاً مهماً لمستشارين عسكريين إيرانيين، بينهم القيادي الحاج عسكر، ما أدى إلى مقتل الأخير وآخرين فضلاً عن إصابات».
وعلى رغم أن الترجيحات الميدانية جميعها تؤكد عن أن الاعتداء نفّذته الولايات المتحدة، إلا أن وسائل إعلام أميركية نقلت عن مسؤولين تأكيدهم أن «الولايات المتحدة لم تنفّذ أي ضربات جديدة في سوريا». كما التزمت وزارة الحرب الإسرائيلية الصمت حيال الهجمات. ويُعدّ هذا الاعتداء، من الأعنف على دير الزور، بعد الاعتداء الذي تلا حادثة مقتل 3 جنود أميركيين وإصابة آخرين في هجوم للمقاومة على قاعدة أميركية داخل الأردن قبل نحو شهرين. وأتت كل هذه التطورات الميدانية، بعد تجدّد عمليات استهداف القواعد الأميركية في سوريا، إثر انخفاض ملحوظ في وتيرة استهداف الأميركيين في كل من سوريا والعراق في الأيام الفائتة، وسط توقعات بتصعيد العمليات من جديد، بعد الاعتداء على دير الزور. وكانت المقاومة العراقية خفّضت من وتيرة عملياتها ضد الأهداف الأميركية في كل من سوريا والعراق، مع تصعيدها داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفي اتجاه جبهة الجولان المحتل، وذلك في إطار منحها فرصة للحلول الدبلوماسية لتحقيق مطلبها في انسحاب القوات الأميركية من العراق.
المقاومة العراقية تتّجه هي الأخرى لفصل عملها في العراق عنه في سوريا


وأكّدت مصادر ميدانية، لـ«الأخبار»، أن «عمليات استهداف القواعد الأميركية استؤنفت من خلال تعرّض قاعدة مطار خراب الجير في ريف المالكية في محافظة الحسكة، لهجومين متزامنين، الأحد الماضي»، قائلة إن «الهجوم تمّ عبر ثلاث قذائف صاروخية، تلاها مباشرة استهداف بطائرة مُسيرة»، ومشيرة إلى أن «الصواريخ وقعت داخل القاعدة وفي محيطها، ما أدى إلى وقوع جريحين على الأقل في صفوف الجنود الأميركيين». وكشفت أن «عملية الاستهداف تمت أثناء هبوط طائرة شحن عسكرية داخل المطار، تحمل أسلحة ومعدات، لتعزيز وجود القوات الأميركية في مختلف قواعدها في كل من الحسكة ودير الزور». ويُرجّح أن الهجوم نفّذته المقاومة العراقية، على رغم عدم إصدارها أي بيان رسمي بتبنيه. والظاهر أن هذه المقاومة تتّجه هي الأخرى نحو فصل عملها العسكري ضد القوات الأميركية في العراق عنه في سوريا، بهدف استعادة نشاطها من جديد داخل أراضي الأخيرة، وذلك بعد بروز مؤشرات إلى نوايا أميركية للاحتفاظ بالوجود العسكري في سوريا دوناً عنه في العراق.
وظهر هذا التوجه من خلال تأكيد وزير الدفاع العراقي، ثابت العباسي، في تصريحات، أنه «تم الاتفاق مع الولايات المتحدة على فصل الساحة العراقية عن السورية، بالنسبة إلى الوجود الأميركي» مضيفاً، أن «الساحة السورية ربما تحتاج إلى التواجد الأميركي بحسب وجهة نظر الأميركيين». وقال الوزير إن «المباحثات مستمرة لاتخاذ قرار انسحاب التحالف الدولي من العراق بشكل تدريجي ومدروس»، ولافتاً إلى أن «التعاون مع دول التحالف ضد داعش بعد الانسحاب سيكون في العمل الاستخباراتي». وكشف العباسي أن «ملف انسحاب التحالف الدولي من العراق سيكون على رأس الأولويات خلال زيارة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لواشنطن الشهر المقبل»، مضيفاً أن «واشنطن تفكر بطريقة وتوقيت الانسحاب. وسنصل إلى نقطة اتفاق بشأن الموضوع». وعلى رغم أن تصريحات وزير الدفاع كشفت عن توجه أميركي للبقاء في سوريا، إلا أن ذلك غير ممكن في حال الانسحاب الأميركي الكامل من العراق، نظراً إلى ارتباط القوات الأميركية في شمال شرق سوريا بخط إمداد وحيد من العراق، مع استحالة تأمين طريق إمداد بديل من تركيا، باستثناء قاعدة التنف التي ترتبط بخط إمداد مع الأردن.