وقع الرئيس الأميركي، جو بايدن، أمس، على قانون العقوبات الجديد على سوريا، الذي يحمل اسم «كبتاغون 2»، بعد يوم واحد على إقراره من قبل مجلس الشيوخ الأميركي. ويُعتبر القانون الجديد متمّماً لقانون عقوبات سابق استثمرت واشنطن مشكلة المخدّرات في المنطقة لإصداره، بهدف زيادة الضغوط على دمشق ومحاولة إطباق الحصار على قطاعات جديدة في سوريا، من بينها قطاع إنتاج الأدوية الذي تمكّن من الاستمرار برغم الحرب والعقوبات السابقة. وخلافاً للقوانين السابقة التي فرضتها الولايات المتحدة على سوريا، والتي استغرقت وقتاً طويلاً بسبب بعض العوامل البيروقراطية، أقرّ «مجلس الشيوخ»، القانون الجديد في وقت قياسي وعلى هامش جلسة غير عادية، بعدما صوّت «مجلس النواب» عليه قبل نحو 10 أيام، بإجماع جميع الأعضاء (44 مؤيّداً - 0 معترض)، رغم الجدل الواسع الذي أحدثته بعض البنود خلال طرحه لأول مرة في شهر تموز من العام الماضي. وكان «كبتاغون 2» أعدّه فريق قانوني بالتعاون مع معارضة سوريّة ناشئة في الولايات المتحدة، تُسمى «التّحالف الأميركي لأجل سوريا والمجلس السوري الأميركي»، أسّسها أميركيون من أصول سورية، يعملون على إعداد مشاريع قوانين العقوبات على بلدهم الأم، وتقديمها للسلطات التشريعية في واشنطن. وأعلن مسؤول السياسات في «التحالف الأميركي لأجل سوريا»، محمد علاء غانم، في منشور عبر منصة «X»، أن «مجلس الشيوخ» أجاز مشروع القانون الجديد ضمن حزمة تشريعية مستعجلة بنتيجة تصويت 79 مؤيّداً و18 معارضاً فقط، مشيراً إلى أن المشروع «في طريقه إلى مكتب الرئيس الآن لتوقيعه قريباً جدّاً ليصبح بعدها قانوناً نافذاً وواجب التطبيق».
والجدير ذكره، هنا، أن السرعة القياسية في إقرار القانون في «مجلس الشيوخ»، سُجلت على هامش تحركات أميركية مستعجلة لإقرار حزم مساعدات خارجية، إذ اجتمع المجلس لهذا الغرض تحديداً، وبعد أن انتهى من إقرار حزم المساعدات الضخمة تلك، والتي تصل إلى نحو 95 مليار دولار ستُقدم لدعم إسرائيل في حرب الإبادة التي تشنها على الفلسطينيين في غزة، ولأوكرانيا وتايوان، أقر بعض المشاريع الأخرى من بينها قانون العقوبات الجديد على سوريا (كبتاغون 2)، وقوانين عقوبات ضد روسيا وإيران وحركات المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها «حماس» و«الجهاد الإسلامي».
الضجة الكبيرة التي تثيرها «المعارضة السورية» حول القانون تندرج في إطار الاستثمار الإعلامي


وبرغم احتواء قانون العقوبات الجديد على قائمة طويلة من أسماء شخصيات في الحكومة السورية، يطلب الحجز على أملاكهم ومنعهم من الدخول إلى الولايات المتحدة، فهو لا يحمل في حقيقته أي جديد، إذ إن غالبية الشخصيات التي تم إدراجها فيه، هي مدرجة بالفعل في قوائم عقوبات سابقة، كما أن غالبيتها لا تمتلك أي أصول في أميركا، ما يعني أن الضجة الكبيرة التي تثيرها «المعارضة» السورية حوله مجرد استثمار إعلامي لا أكثر. أيضاً، يمثل إقراره اتساقاً كبيراً مع التصعيد الأميركي في المنطقة عموماً وفي سوريا على وجه التحديد، عبر استقدام تعزيزات عسكرية إلى القواعد الأميركية غير الشرعية في البلاد، ودعم توسيع نشاط جماعات مسلحة مختلفة في منطقة «التنف» عند المثلث الحدودي مع الأردن والعراق، إلى جانب دعم «قسد» في مناطق «الإدارة الذاتية» في الشرق والشمال الشرقي، والقبض على الموارد النفطية السورية التي تقوم الولايات المتحدة بتسهيل عمليات تهريبها إلى إقليم «كردستان العراق».
ويأتي إقرار قانون العقوبات الجديد بالتزامن مع عودة التصعيد الميداني في الشرق السوري، إثر استئناف المقاومة عملياتها ضد القواعد الأميركية هناك، وذلك في إطار الضغط المستمر على واشنطن بسبب دعمها غير المحدود لإسرائيل في حربها على الفلسطينيين. وفي تعليقه على هذا التطور، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، إن «المثير للقلق بشكل خاص، أن هذه الميليشيات اختارت استئناف هجماتها بعد ساعات فقط من انتهاء الزيارة الناجحة لرئيس الوزراء العراقي إلى واشنطن»، معتبراً أنه «من الواضح أن إيران لا تحترم السيادة العراقية»، في وقت هدّد فيه السكرتير الصحافي لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، بات رايدر، بردّ أميركي «في حال استمرار الهجمات».