تونس | بعد ثلاثة عشر عاماً من الغياب، عاد المسرح التونسي إلى ليبيا من خلال مسرحية «الهروب من التوبة» («مركز الفنون الدرامية والركحية» في توزر ــ جنوب غرب تونس) من نافذة «مهرجان بنغازي للفنون المسرحية» الذي اختُتم قبل أيام. حظيت المسرحية التي قُدِّمت في أول عرض لها خارج تونس، بإعجاب كبير من الجمهور الليبي المتعطّش للمسرح التونسي، وخصوصاً أنّ المسرحية مكتوبة باللغة العربية الفصحى في أول تجربة تجمع الكاتب العراقي فلاح شاكر مع المخرج التونسي ومدير «مركز الفن المسرحي» في توزر عبد الواحد المبروك، أحد أبرز خرّيجي «المعهد العالي للفن المسرحي» في منتصف التسعينيات. المسرحية التي يؤدي بطولتها، الثلاثي عبد الواحد مبروك وبلقيس جوادي وحليمة عيساوي، تحكي قصة أستاذ جامعي يدعى يوسف وزوجته الجامعية وحيدة، اللذين يتبنّيان طفلةً من الملجأ تكبر بينهما. تكبر الطفلة «ليلى» في مساحة الفراغ بين الزوجين ومع رتابة الحياة الزوجية وتشابهها. وفي أشغال الزوجة ببحوثها الجامعية، تملأ الفتاة القادمة من الملجأ والمجهولة الأب والهوية هذا الفراغ. تبدأ حكاية عشق محرمة تكتشفها الزوجة (الأم) ويبدأ صراع بين المرأتين وتبادل الاتهامات! وفي حمى هذا «التنافس» والصراع، يغرق الزوج يوسف في رحلة البحث عن الخلاص والتوبة من إثم الجسد وجرد الحساب مع الزوجة التي انشغلت عنه ببحوثها الجامعية. المسرحية التي تمتد على ساعة وعشرين دقيقة، تطرح أسئلة عن تأرجح الإنسان بين الطهر والإثم، بين الحيوانية والألوهية. وقد اختار المخرج موسيقى إيقاعية لرياض البدوي التي تعتمد على الشطحات الصوفية لاستخراج الإثم من الجسد من أجل التطهّر، وهو المفهوم السائد في زوايا الأولياء الصالحين وما يعرف في تونس بـ «الحضرة».
هذه المسرحية التي عرضت في تونس قبل مدينة بنغازي الليبية، مرشّحة للمشاركة في «مهرجان بغداد المسرحي» و«أيام قرطاج المسرحية»، وقد يكون نجاح العرض في ليبيا بداية سلسلة من العروض العربية.