في حادثة بالغة الخطورة تهدد بانزلاق الضفّة إلى اقتتال فلسطيني فلسطيني هو الأول من نوعه في هذه المنطقة، اقتحمت قوات الأمن الفلسطينية منزلاً في قلقيلية وقتلت مقاومَين من «كتائب عز الدين القسّام» التابعة لحركة «حماس».الحادثة، التي تناقضت الروايات بشأن طبيعتها واتفقت على حصيلتها وهي ستة قتلى، تهدّد بانزلاق الضفة الغربية إلى مواجهات مسلّحة أخرى، ولا سيما أن التصريحات التالية للاشتباك تنذر بتداعيات أمنيّة وسياسيّة، وتطرح الكثير من الأسئلة عن غاية إقدام القوات الأمنية الفلسطينية من استخدام السلاح في حملات الدهم، وعن العامل الإسرائيلي في الأمر، وخصوصاً بعد التعليقات الإسرائيلية التي صدرت مباشرة بعدها.
وتساءلت مصادر فلسطينية مطّلعة لـ«الأخبار» عما إذا كانت الحادثة «مؤشراً إلى مرحلة جديدة من العلاقات مع حماس في الضفة تدشّنها الحكومة الجديدة لسلام فياض». وأضافت أنها قد تكون بداية تطبيق خطّة من قبل وزير الداخلية الجديد سعيد أبو علي لـ«القضاء تدريجاً على الحركة الإسلاميّة».
من هذا المنطلق، قد لا تكون الحادثة الأمنية معزولة، وتجر وراءها مزيداً من المواجهات، ولا سيما أن التعاطي الرسمي معها في الضفة الغربية يأتي من باب «تطبيق القانون»، وهو ما يتعارض مع منطق التعامل مع المقاومين من باقي الفصائل الفلسطينية، حتى تلك المنضوية في إطار منظمة التحرير، والتي تعلم الأجهزة الأمنيّة أن بحوزتها أسلحة.
كذلك فإن للحادثة تداعيات سياسيّة في ما يتعلّق بالحوار الوطني المقرّر في السابع من تموز المقبل في القاهرة. وتشير المصادر إلى أن أطرافاً في الداخل الفلسطيني في رام الله وقطاع غزّة مستعدّون للقيام بأي شيء لقلب الطاولة الحوارية، وهو ما يبدو في طريقه إلى التحقّق إذا مضت «حماس» في دراسة الانسحاب من المفاوضات، كما أعلن القيادي في الحركة صلاح البردويل.
وفي العودة إلى الحادثة التي أدت إلى مقتل ستة أشخاص، هم ثلاثة من الأمن الفلسطيني ومقاومَين من «كتائب عز الدين القسام» وصاحب البيت الذي تحصّنا فيه، فإن رواية الأمن لم تصمد طويلاً لجهة اتهامه المقاومَين بالبدء بإطلاق النار على الدورية الفلسطينيّة. فمسؤول التنسيق والارتباط مع الجانب الإسرائيلي، القيادي في «فتح» حسين الشيخ، كان صريحاً عندما قال للإذاعة الإسرائيلية العامة إنه «جرت تصفية خلية السمان (نسبة إلى محمد السمان، قائد «كتائب عز الدين القسام» في شمال الضفة، ومساعده محمد ياسين) بناءً على معلومات استخبارية محددة، لأنها كانت تهدد جميع الاتفاقيات والتفاهمات التي توصّلنا إليها مع الطرف الآخر (الإسرائيلي)، كما كانت تهدد الأمن في كل منطقة الشمال (الضفة)».
هذا الإقرار يؤكّد رواية «حماس» للحادثة وتخييرها السلطة «بين الحوار، والارتماء في أحضان العدو الصهيوني واستكمال دورها التصفوي».
(الأخبار)