يبدو أن الرئيس الأميركي، باراك أوباما، ورث عن سلفه جورج بوش، عادة الوصول سراً ومتخفّياً إلى العراق. هكذا فعل في ثالث زيارة له إلى بلاد الرافدين، أمس، والأولى التي يقوم بها بصفته رئيساً. زيارة برّر مرافقوه حصولها لأن العراق «قريب من تركيا جغرافياً»، رغم أنّه كان من المفترض أن تكون وجهة أوباما أفغانية.ويبدو أيضاً أن نائب الرئيس العراقي الأسبق، عزت إبراهيم الدوري، قرأ نيّات أوباما بزيارة العراق، إذ إن فضائية «الجزيرة» القطرية بثّت قبيل ساعات من وصول أوباما إلى بغداد، شريطاً مصوّراً وزّع خلاله الدوري رسائل إيجابية لواشنطن، وأعرب فيه عن الرغبة بعلاقات ممتازة مع الإدارة الجديدة في واشنطن.
رسالة حدّد فيها الدوري شرطين «لإقامة أفضل العلاقات مع أوباما»: انسحاب القوات المحتلة من العراق، وإطاحة حكومة نوري المالكي. وواصل الدوري تحريض مناصريه لمقاتلة حكومة المالكي «بكل معاني الجهاد». ورأى أن هذه الحكومة «تلفظ أنفاسها الأخيرة» وأن «حكومة جديدة ستحل مكانها لإقامة أفضل العلاقات مع الشعب الأميركي والإدارة الأميركية برئاسة باراك أوباما».
في هذا الوقت، أظهر أوباما تشاؤماً حول الملف العراقي، لأنّ الأشهر الـ18 المقبلة (وهي الموعد الذي من المفترض أن تنجز فيها قواته انسحابها) «قد تمثّل خطراً» على العراق. غير أنه بدا مصرّاً على الانسحاب. وقال، خلال لقائه الجنود في معسكر فيكتوري القريب من مطار بغداد، «حان الوقت بالنسبة إلينا لنقل السيادة إلى العراقيين لأنهم بحاجة لكي يتقلّدوا زمام الأمور في بلدهم».
والتقى أوباما قائد قوات الاحتلال الجنرال ريمون أوديرنو في قصر الفاو في وسط معسكر «فيكتوري» حيث مكث فيه ولم يغادره «بسبب سوء الأحوال الجوية». أحوال سيئة لم تحل دون توافد المسؤولين العراقيين إلى القاعدة الأميركية، وفي مقدمهم الرئيس جلال الطالباني ونائباه عادل عبد المهدي وطارق الهاشمي ورئيس الحكومة نوري المالكي.
وقبل لقائه المالكي، قال المتحدث باسم البيت الأبيض روبرت غيبس إن أوديرنو «طمأن الرئيس إلى تراجع العنف إلى أدنى مستوياته منذ عام 2003 رغم التفجيرات الأخيرة» التي أودت بحياة المئات في الأشهر الأخيرة. ونقل عن لسان أوباما قوله إنه «إذا كانت أفغانستان تمثّل الأولوية اليوم، فإنه لا يزال هناك الكثير من العمل في العراق».
وكشف مدير المكتب الإعلامي للمالكي، ياسين مجيد، أنّ أوباما «جدد للمالكي التزامه بالجدول الزمني لسحب القوات الأميركية في الموعد المحدد» بموجب الاتفاقية الأميركية ـــــ العراقية، أي في نهاية عام 2011.
وأشار مجيد إلى أنّ المالكي نال تهنئة أوباما على نتائج انتخابات المحافظات والتقدم الأمني الحاصل في البلاد، متعهداً «بمساعدة العراق في مراجعة قرارات الأمم المتحدة»، وخصوصاً تلك المتعلقة بدفع تعويضات مالية مترتبة على النظام السابق. والأبرز هو أن أوباما شدد في اجتماعه مع المالكي على أهمية «انضمام جميع العراقيين إلى الحكومة والقوات الأمنية»، في إشارة قد تكون أول موقف لأوباما حيال «المصالحة العراقية».
(الأخبار، أ ف ب، أ ف ب، رويترز)