strong>تراقب بلدان مجلس التعاون الخليجي التي تعتمد اقتصاداتها اعتماداً أساسياً على القطاع النفطي، أسعار الوقود الأحفوري وعائدات البترودولار تنخفض انخفاضاً دراماتيكياً. ولكن استراتيجياً فإنّ تلك البلدان ستحقق عائدات يبلغ مجموعها 4.7 تريليونات دولار بحلول عام 2020، على اعتبار أنّ الحدّ الأدنى لنطاق الأسعار المستهدف هو 50 دولاراً
يتوقّع تقرير «التوجهات العالمية الكبرى لعام 2009» الذي أعدّته مؤسّسة الاستشارات الماليّة، «Ernest & Young» أن تساوي العائدات النفطيّة التراكميّة لبلدان مجلس التعاون الخليجي الست (السعوديّة، الإمارات العربيّة المتّحدة، قطر، عمان، البحرين، الكويت) بحلول عام 2020، 2.5 ضعفاً ما جرى حصده خلال الأعوام الـ14 الماضية، أي ما يساوي 4.7 تريليونات دولار. ويُرجّح أن تحقّق اقتصادات الشرق الأوسط نمواً حقيقياً خلال السنوات القليلة المقبلة، رغم أنّ الأزمة الماليّة العالميّة لم تُعف المنطقة.
وبحسب رئيس خدمات استشارات الصفقات في فرع الشركة في الشرق الأوسط، فيل غاندير، فإنّه «رغم بعض المخاوف في شأن القضايا المتصلة بالتشديد على الأسواق الائتمانيّة وانخفاض أسعار العقارات، فإن الاقتصادات الإقليميّة في وضع جيد يمكّنها من اغتنام العديد من الفرص الناتجة من الأزمة».
والأرباح الناتجة من هذا الواقع ستمكّن الدول الخليجيّة «من شراء أصول إضافية على الصعيد العالمي أو تمويل مشاريع لتطوير البنية التحتية المحلية، كما أن تشريعات دول مجلس التعاون وأنظمتها الضريبيّة المعتدلة نسبياً ستمثّل عوامل جذب أكبر، في الوقت الذي تعاني فيه بيئات العمل في الولايات المتّحدة وأوروبا الضغط الناجم عن الركود».
على صعيد آخر، ترى الدراسة أنّ المشهد الاقتصادي العالمي آخذ في التغير أكثر. فكثيراً ما عُدّت دول مثل مصر وإيران وفيتنام منافسة محتملة مستقبلياً لدول الـ«BRIC» (برازيل، روسيا، الهند، الصين) وكذلك بعض الاقتصادات المتقدمة. وهذه الأسواق الناشئة ستؤدّي دوراً متزايد الأهمية. كما أن النفوذ الاقتصادي ينتقل من البلدان المتقدمة إلى الاقتصادات الناشئة، أي من الغرب إلى الشرق ومن الشمال إلى الجنوب.
وعموماً كانت الاقتصادات الناشئة مسؤولة عن 44 في المئة من الناتج الكوني لعام 2007. وفي موجة الركود العالمي، يُتوقّع نموّها بمعدل 6.1 في المئة. وقد يكون هذا النموّ أقل مما كان متوقعاً قبل الأزمة المالية، لكن البلدان النامية لا تزال تُظهر نمواً أقوى إلى حد كبير من نمو دول العالم المتقدم. ومن المفترض نتيجةً لتعطشها للنمو أن تسير على طريق الانتعاش بسرعة أكبر. أما بالنسبة إلى الصين وروسيا، فمن المتوقع أن تساعد احتياطاتها المتراكمة الضخمة على تخفيف الأضرار الناتجة من الأزمة المالية، حيث يبلغ احتياطي الصين 1.9 تريليون دولار، وروسيا 560 مليار دولار.
ولا يخفى أنّ عدداً من الشركات المتعددة الجنسيات في البلدان الناشئة، باتت تتحدى الشركات الغربية العملاقة في الأسواق النامية، وبات يُنظر إليها لكونها الأفضل عالمياً بين العديد من القطاعات. وتوضح الدراسة أن أكبر 10 شركات في الأسواق الناشئة حققت إيرادات بلغت تريليون دولار عام 2008، أي ما يفوق الناتج المحلي الإجمالي لأوستراليا أو هولندا، وذلك نظراً لعوامل النمو المتمثلة بالثقة وحجم الشركات المتعددة الجنسيات في الأسواق الناشئة.
وفي شأن توجّهات أخرى، تشير الدراسة إلى نهوض صناديق الثروات السيادية والأسهم الخاصة وصناديق التحوّط كوسطاء النفوذ الجدد. فقد ازداد مجموع ما حصدته من أصول بين عامي 2000 و2007 إلى 4 أضعاف ليصل إلى 11.5 تريليون دولار. ومع ذلك، ستتعرض صناديق التحوّط وشركات الأسهم الخاصة للضغط على المدى القصير.
أمّا في ما يتعلق بإصلاح البيئة التنظيمية وعولمتها، فتبحث الدراسة في توجّهين تنظيميّين رئيسيّين: نزعة نحو مزيد من التنظيم من جهة، ونحو تنظيم عالمي متماسك تماسكاً أكبر من جهة أخرى. فقد أظهرت الأزمة المالية العالمية مدى الحاجة إلى تنظيم قوي ومتماسك عالمياً، وكيف أن إصلاح البنية التنظيمية الراهنة، يبدو أمراً حتمياً.
وفي سياق تعليقه على نتائج التقرير، يقول رئيس قسم خدمات أعمال التدقيق في «Ernest & Young» الشرق الأوسط، نور عابد، إنّ الدراسة تؤكّد أنّ «الأساليب القديمة في تنظيم العمل المصرفي، والوكالات التنظيمية الأميركية المتداخلة والتنسيق التنظيمي العالمي المحدود، هي أمور تدعو إلى القلق. وتقوم لجان التدقيق عالمياً بإعادة النظر في الخطط المالية، وتحليل نتائج نهاية العام، مع ضمان أن تبقى الضوابط قوية». ويضيف إنّ اللجان تقوم أيضاً «بتوسيع نطاق تحليل المخاطر القصيرة الأمد والنظر في جميع الأمور المترتبة على إدارة المخاطر في المؤسسة. كما أن الشركات العالمية ومالكي الأسهم بحاجة إلى فهم أفضل لإجراءات حساب القيمة العادلة وأثرها الاقتصادي، ليتمكنوا من تقدير المخاطر التي تواجه أعمالهم وطريقة معالجتها».
(الأخبار)


الطاقة والاستدامة

تشير الدراسة إلى أنّ العرض والطلب على الطاقة من شأنه أن يمثل التحدي الأكبر في القرن الـ21. وهذه المسألة تقع تحت رحمة الاقتصاد العالمي والجغرافيا السياسيّة والحرب والسياسة المالية والمعركة الدائرة بين النمو والاستدامة. وتحثّ الشركات على البحث عن الفرص والتفكير في ماهيّة استراتيجية أعمالها ككل في ظل الاستدامة، بدلاً من التساؤل عمّا ينبغي لاستراتيجية الاستدامة أن تكون. كما تُبرز التحديات المتزايدة التي تشهدها إدارة القدرات وتطويرها، وتبحث في الصعوبات التي تعوق استقطاب القوى العاملة في العالم وإدارتها وتطويرها.