مع استنفاد الخيار الجوي في العدوان على قطاع غزة، بدأت الخلافات بين القيادات السياسية الإسرائيلية على أصل استمرار العملية العسكرية. وبدا أن منبع الخلاف يعود إلى الخوف من الخسائر البشرية في حال حصول تقدم بري واسع
علي حيدر
قرر المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغّر رفض الهدنة والاستمرار في العملية العسكرية الواسعة في قطاع غزة. وحذر رئيس الوزراء إيهود أولمرت من الآثار المترتبة على وقف العملية في هذه المرحلة، قائلاً «هل تفهمون الآثار التي ستترتّب على أمر كهذا في البلاد والمنطقة؟ وعلى الردع الإسرائيلي؟». لكنه أضاف أنه «إذا نضجت الظروف التي نعتقد أنها توفّر حلاً يضمن واقعاً أمنياً أفضل في جنوب البلاد فسندرس الموضوع، ولكن في هذه الأثناء لسنا هناك».
وذكرت صحيفة «هآرتس» أن أولمرت بلور أربعة شروط أساسية للموافقة على وقف إطلاق النار، وهي: وقف إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل، ووقف العمليات مع التشديد على الأنفاق المفخخة وزرع العبوات الناسفة على طول الشريط الحدودي، ووقف تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة، وإنشاء نظام مراقبة للتأكد من تطبيق «حماس» لهذه الشروط. كما نقلت الصحيفة نفسها عن أولمرت قوله لزعماء أجانب اتصلوا به «هناك زعماء عرب يطلبون مني عدم التوقف عن ضرب حماس».
وقال أولمرت، خلال اجتماع المجلس الوزاري، «لم نشنّ العملية العسكرية في غزة فقط من أجل أن ننهيها مع استمرار إطلاق الصواريخ (الفلسطينية) مثلما كان حاصلاً حتى بداية العملية». وأضاف «تخيّلوا أن يُقال بعد أيام من العملية العسكرية إننا أنهيناها بصورة أحادية الجانب، وبعد ذلك تسقط كمية صواريخ على عسقلان».
واعترف أولمرت بوجود خلافات في الرأي، ولكنه وصفها بأنها «خلافات موضوعية». ودعا الجمهور إلى الثقة بقيادته، لأن القرارات «تتخذ بصورة مدروسة وحذرة ومسؤولة ومن دون اعتبارات خارجية».
وكان وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير قد اقترح أول من أمس على إسرائيل أن تقبل بهدنة مدتها 48 ساعة للسماح بدخول المعونات. وكرر أمس دعوته إلى وقف فوري للقتال قائلاً إن «وقف إطلاق النار للسماح بمرور المساعدات الإنسانية يجب أن يكون دائماً ويجب أن يحترم»، لأن اتفاقات الهدنة السابقة فشلت.
وفي السياق، أصدر وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك تعليمات باستدعاء 2500 جندي احتياط للخدمة، لينضموا إلى 6700 جندي استُدعوا قبل أيام.
وكان باراك قد رأى، أول من أمس، أنّ «على إسرائيل أن تنظر في إمكان الموافقة على وقف للنار لـ48 ساعة يجري فيها فحص استعداد حماس لوقف إطلاق الصواريخ». وذكرت صحيفة «هآرتس»أنه «مع ذلك يعتقد باراك أنه لا ينبغي أن تتخذ إسرائيل خطوة أحادية الجانب، بل أن تستغل إحدى المبادرات التي طرحت، بما فيها اقتراح وزير الخارجية الفرنسي».
من جهته، صرّح رئيس حزب «الليكود» بنيامين نتنياهو بأن «العمل المطلوب هو إزالة حماس من المشهد»، مشيراً إلى أنه «لا يجب مناقشة ما إذا كان هذا هو هدف العملية، وإن كان ممكناً تحقيقه، لأننا إذا لم نقم بذلك الآن، فستعمد حماس لاحقاً إلى استئناف تسلّحها».
وردّ مصدر مسؤول في الخارجية الإسرائيلية على نتنياهو بالقول «إننا لا نقول إن الهدف هو إسقاط حماس، ومن يقل ذلك يعبّر فقط عن هراء».
وكشفت صحيفة «هآرتس» عن أن الخلاف بدأ يتبلور في صفوف «القيادة العليا بشأن ما إذا كان ينبغي محاولة إنهاء الحملة في أقرب وقت ممكن». ولفتت الصحيفة إلى أن المنافسة على أصوات الناخبين تغذّي الخلاف بين معظم اللاعبين في القيادة الإسرائيلية. وأشارت إلى وزيرة الخارجية، وعلى نحو منفصل أيضاً إلى نائب رئيس الأركان موشيه كابلنسكي، سعياً إلى تحريك خطوة سياسية لإنهاء الحرب، فيما عارض رئيس الوزراء ذلك. وفي الوقت الحالي، يتمحور الجدال حول «نقطة الخروج».
وكان المراسل السياسي للقناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي قد أشار أمس إلى وجود خلافات حادة لدى مبلوري القرار الإسرائيلي، في كل ما يتعلق بقرار وقف إطلاق النار والدخول البري إلى القطاع، وهو ما يسبّب سجالات بين المستويات السياسية المختلفة في إسرائيل، وسيعمد بعض المسؤولين إلى استغلالها لأغراض انتخابية، بينها تصريحات متشددة تظهر المتنافسين على السلطة أنهم غير قادرين وغير فاعلين.
وكان رئيس جهاز «الشاباك» يوفال ديسكين قد ذكر في تقرير قدمه، خلال اجتماع المجلس الوزاري المصغر أمس، أنه «جرى المس بقدرة حكومة حماس في غزة بشدة». وأضاف «قسم كبير من نشطاء حماس يختبئون في المستشفيات، بعضهم في مستشفى الشفاء والبعض الآخر في مستشفى الوالدات، حتى إن بعضهم تنكّر بزي أطباء».