نيويورك ـ نزار عبوددمشق ـ سعاد مكرم
شهدت أروقة مجلس الأمن الدولي في نيويورك أمس، يوماً عربياً دبلوماسياً طويلاً، ينتظَر أن يتكرَّس بجلسة اليوم، يصدر عنها قرار دولي لـ«وقف متبادل ودائم لإطلاق النار»، ورفع الحصار مع نشر مراقبين دوليين. وهو قرار تؤكّد قيادتا حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» أنها سترفضه.
وردّاً على سؤال لـ«الأخبار»، اتّهم وزير خارجية السلطة الفلسطينية، رياض المالكي، «فصائل غير مسؤولة» بأنها «جلبت الدمار والخراب على الشعب الفلسطيني من خلال سياساتها المختلفة».
وجاءت اتهامات المالكي في مؤتمر صحافي عقده في مقر الأمم المتحدة، علّق خلاله على تهديد الأمين العام لـ«الجهاد الإسلامي» رمضان عبد الله شلّح، بالتعرض للقوات الدولية في حال نشرها في غزة، قائلاً: «هناك دول يمكنها الضغط على تلك الفصائل التي أعلنت ما أعلنته من أجل تليين موقفها، والتعامل مع مشروع القرار الذي يُعمَل على إصداره في مجلس الأمن».
وبحسب ما أوضحه المالكي، فإنّ القرار الذي يُهَيّأ لإصداره اليوم، يرتكز على وقف الهجوم الإسرائيلي، ووقف متبادل دائم لإطلاق النار، ورفع الحصار، وفتح المعابر كاملاً، ونشر مراقبين دوليين عندها، ونشر قوات حماية دولية.
وأمل المالكي إصدار القرار في جلسة تعقد عصر اليوم في نيويورك، بعد وصول رئيس السلطة محمود عباس الذي سيلقي كلمة فيها.
وعن التنسيق الجاري بين الفصائل، أشار المالكي إلى أنه لا يتشاور مع «حماس» في القرارات التي ينوي مجلس الأمن استصدارها، مبرّراً ذلك بأن «لدينا تخويلاً وتفويضاً من مجلس الوزراء ومن الدول العربية، وحضرنا بناءً على ذلك التفويض. وما نقوم به هو مصلحة للشعب ويتجاوز ما تطلبه حماس».
وبدا المالكي واثقاً من أنّ التسوية المتوخاة «ستضمن إقفال الأنفاق وسلامة الشعب الفلسطيني»، منتقداً صمت الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما، «رغم أنه اتخذ موقفاً صارماً من هجمات مومباي في الهند».
وعن سياسة «حماس» الداعية إلى تحرير كامل فلسطين، ردّ وزير خارجية سلطة عباس، بأن هناك أحزاباً سياسية إسرائيلية «تتخذ مواقف مضادة مشابهة، لكن الديموقراطية تفرض عليها الرضوخ للغالبية»، وهو ما يتعين على «حماس» أن تفعله «إذا كانت راغبة بالمشاركة في الحكم».
وفي غضون ذلك، وصل الوفد الوزاري العربي المؤلّف من سبعة وزراء خارجية إلى الولايات المتحدة لحضور جلسة اليوم، بغياب كل من الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، ووزراء خارجية مصر وقطر وسوريا والأردن.
وبرّرت مصادر دبلوماسية في دمشق، لـ«الأخبار»، اعتذار بعض الدول عن إرسال وزرائها إلى نيويورك، واكتفائها في المقابل بحضور مندوبيها الدائمين في المنظمة الدولية، بأن الوفد العربي «يتبنى المقترحات المصرية». وفي شأن هذه المقترحات، ذكّرت مصادر فلسطينية تأخذ من العاصمة السورية مقراً لها بأن فصائل المقاومة سبق أن رفضتها، لأنها «تبدو ظاهرياً مقبولة، لكنها تحمل في باطنها الشروط الإسرائيلية».
وعن تفاصيل المقترحات، تحدّثت المصادر نفسها عن «فخاخ»، بما أن نصها يتضمّن أربع نقاط رئيسية:
1ـ وقف العمليات العسكرية، أي مساواة آلة القتل الإسرائيلية بالمقاومة الفلسطينية.
2ـ تجديد التهدئة بشروطها الإسرائيلية التي تبقي الدولة العبرية متحكمة بمفاصلها. وعلى هذا الصعيد، بررت المصادر رفض هذا البند، بالقول إنها لا تزال مصرة على «تهدئة في غزة والضفة معاً، وألا تقوم الدولة العبرية بأي عمل عدواني ولا اجتياحات ولا اعتقالات ولا اغتيالات».
3ـ فتح المعابر.
4 ـ المصالحة الوطنية، التي تعني وفق المقترح المصري، «المصالحة مع شرعية أبو مازن ومنحه سلطة على قطاع غزة والمعابر، وهو أمر غير مقبول».
وعن البديل الذي تعتمد عليه الفصائل المقاومة في رفضها للقرار المصري ــ الدولي، لفتت المصادر إلى أنّ قيادات «حماس» تعوّل على التحرك السوري بالتنسيق مع تركيا وإيران الذي يحظى بتأييد قطر لمواجهة الضغوطات الأميركية. تحرك ترى الفصائل أنه جاء «لسدّ الفراغ الفاضح الذي تركه الغياب العربي».
وكان قادة 8 فصائل فلسطينية تنتظم في «تحالف القوة الفلسطينية»، وأمانة سرّ «المؤتمر الوطني الفلسطيني»، عقدوا اجتماعاً في دمشق صباح أمس، استمر ساعات، ناقشوا خلاله التطورات الميدانية والسياسية.
وخلال الاجتماع، عُرضَت الاتصالات العربية والإقليمية والدولية مع قيادة «حماس» والفصائل الأخرى، وخصوصاً اللقاءات التي جرت مع أمين المجلس الأعلى للأمن القومي، سعيد جليلي، الذي زار المنطقة قبل يومين.
وجدّد المجتمعون تأكيد رفضهم لـ«أي قرار دولي يهدف إلى المس بالمقاومة»، وعلى عدم استعدادهم للتعاطي «مع أي قرار من مجلس الأمن»، متهمين هذا المجلس بـ«العجز والتواطؤ لمصلحة السياسة الأميركية ــ الإسرائيلية».
كذلك رفض المجتمعون المقترحات الدولية التي تدعو إلى إرسال قوات طوارئ أو مراقبين دوليين إلى غزة، معلنين أنهم سيتعاملون معها على أنها «قوات معادية وأنها تهدف إلى حماية إسرائيل».
في حديث مع الـ«الأخبار»، اعترفت مصادر شاركت في الاجتماع بوجود سيناريو لاتخاذ قرار دولي يندرج «في إطار حرب سياسية تهدف إلى تحقيق الأهداف التي عجزت عنها إسرائيل في عدوانها العسكري». ورأت المصادر أن الوقت الآن هو لمصلحة المقاومة، وأن إسرائيل والأنظمة العربية لم تتوقع هذا الصمود، بما أن «المعركة البرية لم تبدأ بعد».