strong>المقاومة تعلن قتل 12 جندياً إسرائيلياً... وتتصدّى لتوغلات من 3 محاورلا تزال غزّة في مكانها. تستمع إلى القذائف الماطرة والصمت في آن، ولا تفرق بينهما. تعد شهداءها، وتراقب المقاومة الفلسطينية التي أعلنت مقتل 12 جندياً إسرائيلياً، وتصلّي لها. تحضّر بيوت العزاء، فيما تعلنها السلطة الفلسطينية «منطقة منكوبة»

غزة ــ قيس صفدي
قضى سكان مدينة غزة، أول من أمس، ليلة غير مسبوقة منذ بدء الحرب الإسرائيلية في السابع والعشرين من كانون الأول الماضي، لناحية القصف الجوي والبحري من الطائرات الحربية والزوارق البحرية، إضافة إلى المدفعية، بهدف تمشيط الأرض أمام قوات الاحتلال للتوغل براً في قلب المدينة.
وبدا أن قوات الاحتلال تسعى في اليوم الثامن عشر من الحرب إلى إحكام الخناق على غزة، تمهيداً للتوغل في عمق أحيائها السكنية. إذ حاولت الدخول، فجر أمس، من ثلاثة محاور في وقت واحد، وهي: التوام في الجهة الشمالية الغربية، وحيّا تل الهوا والشيخ عجلين الساحليان جنوب غرب المدينة، وحي الزيتون، جنوب شرقي المدينة.
وشهدت بلدة خزاعة في جنوب قطاع غزة تصعيداً مماثلاً، إثر توغل قوات الاحتلال مئات الأمتار في عمق البلدة، وخوضها اشتباكات ضارية مع فصائل المقاومة الفلسطينية. واندلعت أعنف الاشتباكات، التي استخدم خلالها المقاومون الفلسطينيون إمكاناتهم البسيطة من الرشاشات الخفيفة والقذائف والعبوات الناسفة، في محوري التوام، وحيّي تل الهوا والشيخ عجلين، لصد قوات الاحتلال.
في المقابل، استخدمت قوات الاحتلال كل ما في جعبتها من أسلحة، بما فيها تلك المحرمة دولياً، مستغلة غزة «حقل تجارب». وأغرقت إسرائيل المنازل السكنية في محيط الاشتباكات، بقنابل الفوسفور الأبيض، فاشتعلت النار في عدد من المنازل السكنية، وأصيب العشرات من المدنيين بجروح وحالات اختناق.
وتمكنت المقاومة الفلسطينية من التصدي لمحاولات التوغل الإسرائيلية من محاور المدينة الثلاثة، ونجحت للمرة الثانية في غضون 48 ساعة في إفشال تقدم قوات الاحتلال صوب الأحياء السكنية، فاضطرت بعد ساعات إلى التراجع إلى مواقعها السابقة غرب بلدة بيت لاهيا، وفي المقطع الساحلي المقابل لمستوطنة نتساريم سابقاً.
واستُشهد أكثر من 11 فلسطينياً، بينهم عدد من المقاومين، خلال معارك التصدي لمحاولة التوغل الإسرائيلية جنوب مدينة غزة وشمالها. وقالت مصادر محلية إن «جنود الاحتلال اقتحموا خلال التوغل عدداً من المنازل السكنية العالية، وعاثوا فيها فساداً، وحطموا أثاثها، واعتدوا على سكانها، وحولوا أسطحها إلى ثكنات عسكرية لإطلاق النار والمراقبة».
كذلك استُشهد أربعة فلسطينيين من عائلة واحدة في قصف إسرائيلي في بلدة خزاعة، التي شهدت اشتباكات عنيفة بين مقاومين من كتائب عز الدين القسام، الذراع العسكرية لحركة «حماس»، وقوات الاحتلال.
وسقط سبعة شهداء، بينهم اثنان من مقاتلي «سرايا القدس»، الذراع العسكرية لحركة «الجهاد الإسلامي»، في غارات جوية نفذتها الطائرات الحربية الإسرائيلية في مناطق متفرقة من القطاع، فيما نجت مجموعة من المقاومين الفلسطينيين من غارة جوية نفذتها مروحية هجومية إسرائيلية، واستهدفتهم قرب مسجد التوحيد في بلدة خزاعة.
وعمدت قوات الاحتلال إلى قصف بلدة خزاعة بكثافة، لتخليص وحدة إسرائيلية وقعت في كمين محكم نصبته «كتائب القسام»، التي أعلنت أن مقاتليها فجروا عبوات ناسفة مضادة للأفراد، وأطلقوا قذائف «آر.بي.جي»، فيما أعلنت «كتائب شهداء الأقصى»، التابعة لحركة «فتح» أنها قتلت 12 جندياً إسرائيلياً.
واعترفت مصادر إسرائيلية بإصابة ثلاثة جنود، بينهم ضابط وصفت جروحه بأنها قاتلة، جراء تفجير المقاومة الفلسطينية منزلاً تحصنوا فيه شمال غزة. غير أن «كتائب القسام»، التي تبنت تفجير المنزل أكدت مقتل الضابط على الفور.
وكان جيش الاحتلال قد أقرّ في وقت سابق بإصابة أربعة جنود آخرين بسبب ما وصفه بـ«خطأ» من قوات الاحتياط في التعرف إلى مجموعة من الجنود النظاميين، حيث أطلقوا النار عليهم لاعتقادهم أنهم من المقاومين الفلسطينيين.
وقالت مصادر إسرائيلية إن نحو 11 صاروخاً فلسطينياً سقطت في مناطق مفتوحة في النقب الغربي، زاعمة عدم وقوع إصابات أو أضرار.
ولم يغمض لسكان غزة جفن. وحبسوا أنفاسهم وهم يسترقون السمع والنظر من وراء أبواب ونوافذ حطمتها الانفجارات الصادرة عن الغارات الجوية، فيما غامر العشرات بالنزوح ليلاً من منازلهم في مواقع الاشتباكات رغم شدة القصف الجوي والبحري.
وقالت مصادر طبية فلسطينية إن حصيلة شهداء الحرب الإسرائيلية ضد غزة بلغت أكثر من 973 شهيداً، وتجاوز عدد الجرحى 4300، أكثر من نصفهم من النساء والأطفال.
في هذا الوقت، أعلن أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية، ياسر عبد ربه، خلال مؤتمر صحافي في رام الله عقب انتهاء اجتماع القيادة الفلسطينية برئاسة الرئيس الفلسطيني محمود عباس في مقر الرئاسة، أن «القيادة الفلسطينية قررت اعتبار قطاع غزة منطقة منكوبة، وعليه ستتخذ القيادة والحكومة الفلسطينية برئاسة سلام فياض كل التدابير لتنفيذ هذا القرار وتجميد أي مشاريع في أي مواقع أخرى لإنقاذ غزة وحماية شعبنا فيها وتوفير كل المقومات لذلك».
إلى ذلك، أعلن مفوض المساعدات في الاتحاد الأوروبي، لويس ميشيل، أن «إسرائيل تستخدم في ضرباتها العسكرية لغزة قوة مفرطة، وتنتهك القانون الدولي»، ما يعدّ أعنف انتقاد من مسؤول في الاتحاد الأوروبي لإسرائيل، منذ بدء هجومها.