الدوحة، رام الله ـ الأخبارلم تكن «دولة فلسطين» حاضرة في «قمة غزة الطارئة» أمس، رغم أنها صاحبة الشأن الأول والأخير في الاجتماع. حسابات كثيرة دفعت الرئيس محمود عباس إلى المقاطعة. وهنا تبرز 3 روايات لغياب أبو مازن عن مقعد فلسطين في الدوحة: رواية الجهة المنظمة (قطر)، وتبرير الرئيس الفلسطيني، وتلك التي يروّجها قادة حركة «فتح» في رام الله.
في جميع الأحوال، فإنّ غياب «الدولة»، عوّضته الفصائل. فكان حضور رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل، والأمين العام لحركة «الجهاد الإسلامي» رمضان عبد الله شلّح، والأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـــــ القيادة العامة، أحمد جبريل، مفاجأة الاجتماع. مفاجأة لأنه، حتى ساعة متأخرة من ليل الخميس الجمعة، كان المسؤولون القطريون ينفون حضور أي وفد من الحركة الإسلاميّة.
نفي قد يكون مرتبطاً بالترتيبات الأمنيّة التي تحيط بقيادات فصائل المقاومة، إلا أنها كانت مرتبطة أيضاً بالمحاولات الأخيرة لإقناع عباس بالمشاركة في قمّة الدوحة.
محاولات كشف عنها رئيس الوزراء القطري، الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، في إطار نفيه لما أشيع عن رفض عباس الحضور بسبب وجود مشعل في الاجتماع. وروى الشيخ حمد بأنه اتصل للمرة الأخيرة بعباس مساء أول من أمس. وأضاف «قلت له يا أبو مازن هذه قضيتك وأنت مسؤول عنها ووجودك مهم فيها». فكان جواب عباس أنه اتصل بالأمين العام للجامعة العربية، عمرو موسى، الذي أبلغه بأنه لا توجد قمّة عربية.
واستهجن الشيخ حمد الردّ، وقال لعباس «كان من الأولى أن تتصل بنا، ونحن نقول لك إن هناك قمة، فهل ستحضر؟». ولم يكن جواب أبو مازن سوى أنه «من الصعب عليه الحصول على تصريح من الإسرائيليين الآن» للخروج من الضفة الغربية. وبعدما أكّد له رئيس الوزراء القطري أن الدوحة قادرة على تأمين تصريح له، طلب عباس مهلة نصف ساعة لإعطاء جوابه النهائي. إلا أن اتصاله الذي تأخّر لساعة ونصف ساعة كان مفاده «أنا غير قادر على الحضور لأنني أتعرّض لضغوط. وإذا حضرت أكون قد ذبحت نفسي من الوريد إلى الوريد».
وكان ردّ الشيخ حمد لعباس «نحن لم نقرر حضور أحد من الفصائل على أساس أنك (عباس) صاحب القضية». وأضاف حمد «كان من غير المعقول أن تعقد قمّة من أجل غزّة من دون أن يكون أصحاب القضيّة حاضرين». وتابع «عندها اتصلنا بالفصائل وأرسلنا طائرة خاصة إلى دمشق لإحضار من يرغب منها للتكلم بلغة الثوار التي لا نعرفها نحن هنا في قطر». وختم روايته بالقول «أنا أقدّر قرار أبو مازن، فهو يعرف ظروفه».
وعن احتمال أن يزيد حضور مشعل وشلّح وجبريل من الانقسام الفلسطيني الداخلي، رأى المفكر العربي عزمي بشارة، في حديث إلى «الأخبار»، أن «الشرخ قائم أصلاً»، مذكّراً بأن الذين حضروا «هم أصحاب الشأن في غزة، وهم الذين يواجهون العدوان».
في المقابل، تشدد مصادر فلسطينية مطّلعة، لـ«الأخبار»، على أنه سيكون لحضور قادة الفصائل تأثير مباشر على أي محاولة لاحقة لاستئناف جهود المصالحة الداخلية، ولا سيما أن قمّة الدوحة كرّست سابقة كان يصرّ الرئيس الفلسطيني على رفضها، وهي إلقاء مشعل كلمة في محفل عربي رسمي.
لكن، مصادر «الأخبار» المقربة من السلطة الفلسطينية في رام الله، بقيت تجزم بأنّ «عباس غيّر موقفه من قمة الدوحة عقب دعوة قادة المقاومة الذين يتخذون من دمشق مقراً لهم».
وفي تمسّك هذه المصادر بمبررها لغياب عباس، يكشف المقربون منه إبلاغه المسؤولين القطريين عبر سفير السلطة لدى الدوحة، منير غنام، «عدم رضاه» من بعض مواقف أمير قطر، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني. كما تشير إلى أنّ عباس «عاتب على قناة الجزيرة التي تسمح لقادة الفصائل باتهامه وشن الحرب عليه على الهواء مباشرة».
عتاب وعدم رضى تُرجما حملةً قادها مسؤولو منظمة التحرير وحركة «فتح»، على شكل هجوم عنيف على الشيخ حمد وعلى قناة «الجزيرة». ووصل الأمر بوكيل وزارة الأسرى في حكومة تسيير الأعمال، ياسر أبو عين، إلى وصف قطر بأنها «قاعدة الاستخبارات والجيش الأميركي والسفارة والموساد الإسرائيلي والفتن العربية والانقسام الفلسطيني».
أما أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، ياسر عبد ربه، فرأى أنّه «لا أمير قطر ولا سواه يقررون مصير الشعب الفلسطيني»، مشيراً إلى أنه «إذا كانت عند أمير قطر أجندة خاصة يريد من خلال دم غزة أن يمرّرها في تحقيق أهدافه الخاصة، فهذا شأنه».