strong>يتوقّع التقرير الاقتصادي السنوي للأمم المتحدة المعنون «الوضع الاقتصادي العالمي والتوقعات في عام 2009»، أن يهدّد انخفاض أسعار النفط والأزمة العالمية النمو الاقتصادي في منطقة غرب آسيا. ولذلك يجب اتباع سياسات تعاون للتحفيز الاقتصادي، تقودها بلدان الاحتياطات النقديّة الضخمة، من أجل تجنّب «السيناريو الأسوأ»
في ظلّ ازدياد التوقّعات السوداويّة بالنسبة لوضع الاقتصاد العالمي في عام 2009، حيث ترجّح المؤسّسات الدوليّة أن يسيطر الركود على البلدان الصناعيّة ويتراجع نموّ البلدان الناشئة تراجعاً ملموساً، يتوقّع تقرير الأمم المتّحدة بشأن آفاق الاقتصاد العالمي للعام الجاري، أن تشهد منطقة غرب آسيا، حيث تتركّز معظم احتياطات النفط العالميّة، مرحلة صعبة بسبب انعكاس تباطؤ الطلب العالمي.
ويتوقّع التقرير أن ينخفض متوسط أسعار النفط 35 في المئة في عام 2009 نتيجة لتباطؤ الطلب العالمي، ما يؤدّي إلى هبوط حاد في عائدات التصدير، وهذا الواقع سينعكس على النموّ الاقتصادي في المنطقة المتوقّع أن يبلغ 2.7 في المئة.
وهذه الترجيحات تأتي بعدما أظهرت المنطقة مرونة معقولة تجاه الظروف العالمية المتدهورة في عام 2008، حيث توسع النشاط الاقتصادي فيها بسرعة كبيرة بلغت 4،9 في المئة، المقارنة بـ 4،7 في المئة في عام 2007. وكان ارتفاع سعر النفط خلال معظم السنة والطلب القوي من قبل المستهلكين والإنفاق الاستثماري وراء هذا الأداء.
ووفقاً لفريق الاقتصاديّين الذي أعدّوا التقرير، فقد نما الناتج المحلّي الإجمالي في دول مجلس التعاون الخليجي الستّ في عام 2008، وبلغت نسبة النموّ 6،2 في المئة. غير أنّ التوقّعات الحاليّة تشير إلى أنّ النسبة قد تنخفض إلى 3،2 في المئة في العام الجاري بسبب تراجع أسعار الوقود الأحفوري وتباطؤ النمو الاستثماري. وبالنسبة إلى لبنان والعراق، فإنّ تحسّن الأوضاع الأمنيّة فيهما أدّى إلى انتعاش اقتصاديهما في عام 2008.
ولكن يحتمل أن تؤدّي الظروف الائتمانية الصعبة وتدهور الأعمال وثقة المستهلكين إلى إضعاف الطلب المحلي في المنطقة كلها. فقد كان لأزمة الائتمان العالمية تأثير قاسٍ على القطاعات المصرفية في الكويت والسعودية والإمارات بسبب ارتباط هذه الدول المباشر بأسواق المال وأسواق رأس المال العالمية. ويرجّح أن يسبب ذلك حدوث تأخير في العديد من المشروعات الاستثمارية الكبيرة. وليست الدول الرئيسية المصدّرة للنفط في المنطقة بمنأى عن الأزمة، ولكن قوّة أوضاعها المالية والخارجية توفّر لها حماية ضد الكساد الاقتصادي العالمي.
من جهته، يواجه الاقتصاد التركي حالة ركود شديدة بسبب ضعف الطلب الخارجي والمحلي. ومن المتوقع أن يبلغ متوسط نموّ ناتجه المحلّي الإجمالي 2،8 في المئة فقط في عام 2008، وهو أقل معدل له منذ أزمة الائتمان في البلاد في عام 2001. غير أنّ التقرير يتوقع أن ينجو الاقتصاد التركي من الركود في 2009.
وبالنسبة إلى معدّلات البطالة في المنطقة، فهي بحسب التقرير لا تزال مرتفعة «بصورة مذهلة»، وخصوصاً بين الشباب، في العديد من دول غرب آسيا، وتحديداً في اقتصادات الدول غير المصدّرة للنفط، وذلك رغم الانتعاش الاقتصادي في السنوات الاخيرة. وفي تركيا بدأ معدل البطالة في الارتفاع حتى قبل أن تشتد الأزمة المالية، فكان في المتوسط 10.1 في المئة خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2008. وفي الوقت نفسه، انخفضت البطالة في إسرائيل إلى المعدل المنخفض الذي كانت عليه منذ عقدين من الزمان وهو 5.9 في المئة في الربع الثاني من عام 2008.
وبشكل عام يحذّر التقرير من «مخاطر الهبوط الشديد» في اقتصادات المنطقة، ويشمل ذلك على وجه الخصوص انخفاض أسعار النفط والمزيد من التدهور في ظروف التمويل العالمي الذي قد يؤدي إلى انعكاس مفاجئ في التدفّقات الرأسمالية. فأسعار الوقود الأحفوري لن تؤثّر فقط على مصدّريه بل على الاقتصادات الأكثر تنوّعاً في المنطقة.
وفي عرضه لسيناريو أكثر تشاؤماً، يقول التقرير إنّ النموّ الاقتصادي قد يتباطأ في المنطقة وتصل نسبته إلى 1،6 في المئة. ويرى أنّه لا يوجد في الوقت الحالي آليّة مؤسسية موثوق بها للتنسيق الدولي لحزم الحوافز أو السياسات النقدية. وينبغي إنشاء مثل هذه الآلية إلى جانب الإصلاحات الرئيسية الأخرى. لذلك فهو يوصي الحكومات المعنيّة بتنسيق حوافز مالية شاملة لتجنّب أزمة اقتصادية حادة.
وفي هذا الصدد، يجب أن تؤدّي دول المنطقة ذات الاحتياطات الضخمة (وأبرزها البلدان النفطيّة) دوراً هاماً لتحفيز اقتصاداتها والمساعدة في إبعاد التباطؤ العالمي.
ومثل هذه الإصلاحات يجب أن تتناول ضعف النظام المالي العالمي الذي يضع الدولار في مركز عملة الاحتياطي، لأنّ الضبط غير المنظم لاختلال التوازن العالمي وتغيّر الاستراتيجية الاقتصادية للدولار يشكّلان مخاطر هامة في انخفاض القيمة.
(الأخبار)


تضخّم معتدل

يشير تقرير الأمم المتّحدة إلى تجاوز التضخم السنوي نسبة 10 في المئة في جميع دول المنطقة في عام 2008، ما عدا البحرين وإسرائيل. وكانت الزيادة الشديدة في أسعار المواد الغذائيّة وأكلاف الإسكان هي الأسباب الرئيسية وراء ذلك. ومع هبوط أسعار السلع وتباطؤ الطلب المحلي، يُتوقع أن يصل التضخم إلى معدل معتدل في عام 2009، على الرغم من احتمال بقائه مرتفعاً نسبياً. وكانت بلدان العالم أجمع قد عانت خلال العام المنصرم من ارتفاع جنوني للأسعار بسبب ارتفاع الطلب والمضاربة ووصول سعر النفط إلى مستويات قياسيّة.