ملامح تهدئة برزت أمس على سطح العلاقة بين واشنطن ودمشق، تقوم على ما بدا رغبة مشتركة بعدم التصعيد، على الأقل قبل انتخابات الرئاسة الأميركية، ومع تركيز سوري على «نكران الجميل» العراقي الذي أقنعها على ما يبدو بخفض عديد قواتها على الحدود مع العراق على قاعدة أن «ضبط الوضع على الحدود اللبنانيّة أكثر أهميّة» حاليّاً.في المقابل، تحاول واشنطن احتواء القرار السوري بإغلاق المركز الثقافي الأميركي والمدرسة الأميركيّة، في خطوة لمّح إليها مسؤول في وزارة الخارجية الاميركية أمس، عندما كشف عن أن بلاده «يمكن أن تسعى إلى إقناع السلطات السورية بالعدول عن قرارها»، مذكّراً بأن هذه المدرسة «تستقبل طلاباً من جنسيات مختلفة وبينهم سوريون».
محاولة لم تحجب الانقسام داخل الإدارة الأميركية نفسها بشأن الملف السوري. ففيما قدّم قائد قوات الأمن الداخلي الأميركي مايكل شيرتوف تبريراً «قانونياً» للاعتداء، انطلاقاً من نظرية «الدفاع عن النفس عبر الضربات الوقائية»، كشفت شبكة «اي بي سي» الإخبارية الأميركية عن أنّ قائد القيادة الوسطى في القوات الأميركية الجنرال ديفيد بيترايوس اقترح قبل أشهر من الغارة زيارة سوريا، غير أن المسؤولين في إدارة جورج بوش ووزارتي الدفاع والخارجية رفضوا الفكرة على الفور.
وفي محاولة عراقية لطمأنة دول الجوار، وخصوصاً سوريا، من الاتفاقيّة الأمنية المنوي توقيعها مع الأميركيين، تعهد رئيس الحكومة نوري المالكي بتقديم مسوّدتها إلى رؤساء الدول المجاورة للعراق قبل إقرارها. وقال المالكي، للرئيس التركي عبد الله غول في اتصال هاتفي أمس، «سنرسل وفوداً إلى جيراننا، ومن ضمنهم تركيا، لعرض الاتفاقية عليهم فور تلقّينا الرد الأميركي على التعديلات التي نطلب إدخالها على مسودتها».
وكان المتحدث باسم حكومة بغداد، علي الدباغ، قد كشف في وقت سابق عن أن حكومته لا تزال تنتظر رداً من الأميركيين يتضمن «تفاصيل» الاعتداء على سوريا وملابساته.
وفي السياق، اتصل الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، بنظيره السوري بشار الأسد أمس، وأعرب له عن إدانته للاعتداء الأميركي، مؤكداً وقوف حكومة إيران وشعبها إلى جانب سوريا.
ونقلت وكالة «إيرنا» الإيرانية للأنباء عن الأسد وصفه «لأعداء المسلمين» بأنهم «حمقى»، مشيراً إلى أن الاعتداء على بلاده ما هو إلا «آخر أوراق الرئيس جورج بوش يبرزها من أجل إنقاذ نفسه».
من جهة أخرى، أفادت وسائل الإعلام العبرية بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت لا يزال يراهن على تقدم في مسار المفاوصات مع سوريا قبل خروجه من منصبه، مشيرة إلى أنه طلب من رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، نقل رسالة إلى الأسد في شأن استعداد تل أبيب للإجابة عن الأسئلة التي طرحتها دمشق في «وثيقة النقاط الست» خلال جولات التفاوض السابقة.