strong>سعر برميل النفط سيتجاوز حاجز الـ100 دولار مجدّداً، حالما تعود الأوضاع الاقتصاديّة العالميّة إلى وضع طبيعي، هذه إحدى الخلاصات التي توصّل إليها تقرير «وكالة الطاقة الدوليّة» المتوقّع أن يُنشر الأسبوع المقبل. فمرحلة «النفط الرخيص» قد ولّت، والاستثمارات العالميّة لتأمينه يجب أن تتخطّى 26 تريليون دولار من الآن وحتى عام 2030
رغم أنّ سعر برميل النفط انخفض بأكثر من 55 في المئة منذ وصوله إلى قمّته التاريخيّة في تمّوز الماضي، فإنّ التوقّعات لا تزال تفيد أنّه بمجرّد أن تنتهي موجة الركود التي تهدّد الجوانب الحقيقيّة من اقتصادات العالم إضافة إلى أسواق المال، فإنّ سعر الوقود الأحفوري سيعود للارتفاع، وذلك حسبما نقلت صحيفة «فايننشال تايمز» عن تقرير «آفاق الطاقة في العالم» الذي ستصدره «وكالة الطاقة الدوليّة» الأسبوع المقبل.
ويقول التقرير إنّه «فيما اختلال التوازن في الأسواق قد يدفع الأسعار مؤقّتاً نحو التراجع، يظهر أكثر فأكثر أنّ عهد النفط الرخيص قد انتهى». ومعدّل سعر برميل النفط سيبلغ 100 دولار حتّى عام 2015، في الوقت الذي سيصبح فيه النقص في الإمدادت واقعاً ملموساً. فالشركات العملاقة ستحاول المحافظة على النمط الموجود من الإنتاج، فيما الآبار القديمة ستبدأ بالجفاف. وبالتالي، فهي بحاجة إلى بلد آخر مثل السعوديّة، التي تضخّ 7 ملايين برميل يومياً، من أجل احتواء النقص المتوقّع.
وتعتقد الوكالة في تقريرها أنّ إنتاج آبار النفط الموجودة في العالم يتناقص بنسبة 9 في المئة. وبالتالي، فإنّ التباين بين نمطي الإنتاج والاستهلاك لا يمكن المضيّ فيه إلى وقت طويل. وهذه المشكلة تتضخّم في الوقت الذي تقوم فيه شركات النفط الكبرى بالانسحاب من مشاريع استخراج كبرى كانت مخصّصة في أماكن مثل كازاخستان وكندا. فالأسعار المنخفضة المسجّلة في الأسواق حالياً تعني أنّه ليس هناك جدوى في ظلّ الأكلاف المرتفعة للاستخراج.
ويوضح التقرير أنّ شركات كبرى مثل «SHELL» و«BRITISH PETROLIUM» عليها استثمار حوالى 350 مليار دولار سنوياً من أجل تغطية النقص الذي سيولّده نفاد الكميّات في الآبار القديمة، إضافة إلى ملاقاة الطلب المتزايد من جانب بلدان تنمو نموّاً سريعاً مثل الصين.
وأكثر من ذلك، فإنّ المنظّمة التي تضمّ 28 بلداً مستهلكاً للطاقة وتتخذ من باريس مقراً لها، تشدّد على أنّ ضمان حصول العالم على حاجته من الطاقة يستوجب إنفاقاً استثمارياً يزيد عن 26 تريليون دولار خلال السنوات العشرين المقبلة، أي أكثر بـ4 تريليونات دولار من الرقم الذي كان متوقّعاً في العام الماضي.
ويتضمّن هذا الإنفاق 13.6 تريليون دولار لقطاع الطاقة، ما يمثّل 52 في المئة من المبلغ الإجمالي، والباقي يخصّص للاستثمار في النفط والغاز.
أمّا بالنسبة إلى وصول إنتاج النفط إلى مراحله القصوى، فإنّ المنظّمة لا ترى هذا الواقع سوى عام 2030. وعند ذلك التاريخ فإنّ العالم سيصبح معتمداً أكثر على موارد مثل الرمل النفطي، الذي تُعدّ عمليّة تكريره صعبة جداً، فيما إنتاج النفط التقليدي سيرتفع بنسبة 5 ملايين برميل يومياً فقط حتى عام 2030.
ويشير التقرير إلى أنّ نمط تركّز الإنتاج في أيدي القلّة تزداد حدّته. فمسألة زيادة الإنتاج تقرّرها منظمة الدول المصدّرة للنفط، «أوبك». ويتوقّع أنّ أي زيادة في الإنتاج خلال الفترة المدروسة سيجري عبر بلدان تلك المنظّمة، حيث سترتفع حصّتها في إنتاج النفط العالمي من 44 في المئة عام 2007 إلى 51 في المئة عام 2030.
وستبقى السعوديّة بحسب التوقّعات، أكبر منتج للنفط في العالم. وسيرتفع إنتاجها من 10.2 ملايين برميل يومياً عام 2007 إلى 15.6 مليون برميل يومياً عام 2030.
أمّا بالنسبة إلى البلدان المصدّرة للنفط خارج إطار منظمة «أوبك» فإنّ إنتاجها يبدو أنّه وصل إلى مراحله القصوى، وسيبدأ بالتراجع ربّما مع حلول منتصف العقد المقبل.
ومن المتوقّع أن ينمو الطلب على الطاقة بنسبة 1.6 في المئة سنوياً، وستكون الصين، ثاني أكبر مستهلك للطاقة في العالم، إلى جانب الهند، مسؤولتين عن أكثر من 50 في المئة من تلك الزيادة. أمّا بالنسبة إلى النفط فإنّ الطلب عليه سيرتفع بنسبة 1 في المئة سنوياً (كمعدّل). وبعدما كان 85 مليون برميل يومياً عام 2007، سيصبح 106 ملايين برميل عام 2030, وفي الوقت نفسه سيرتفع عرض النفط من 84 مليون برميل إلى 106 ملايين برميل خلال الفترة نفسها.
وفي المقدّمة التنفيذيّة للتقرير لخّصت المنظّمة أبرز الخلاصات التي توصّلت إليها أبحاثها، وقالت إنّ العالم سيستمرّ بالاعتماد اعتماداً كبيراً على النفط والغاز في حاجته إلى الطاقة. ومعظم الزيادة في الطلب سيكون مصدرها الشرق الأوسط وأفريقيا وروسيا، وهذا الارتفاع في الطلب سيخلق ضغوطاً متزايدة على مجموعات الطاقة في العالم، تنبع أساساً من الهواجس الوطنيّة.
(الأخبار)


إنفاق قياسي

ارتفع الإنفاق العالمي على النفط من 1 في المئة من الناتج المحلّي الإجمالي الكوني عام 1998 إلى 4 في المئة من ذلك الناتج عام 2007، ما أدّى إلى تضرّر البلدان المستهلكة تضرّراً كبيراً وتأمين عائدات خياليّة للبلدان المنتجة. ومن المتوقّع أن تثبت هذه النسبة عند 5 في المئة في بلدان منظّمة الأمن والتعاون الصناعيّة، ولكن في البلدان الأخرى، ستراوح بين 6 في المئة و7 في المئة. والمرحلة الوحيدة التي وصل خلالها هذا الإنفاق إلى هذه المستويات المرتفعة كانت بداية ثمانينيّات القرن الماضي، حين بلغت نسبة الإنفاق 6 في المئة.