strong>اتفق زعماء مجموعة الدول العشرين الكبرى خلال قمّتهم في واشنطن أوّل من أمس، على اتخاذ «أيّة خطوات إضافيّة مطلوبة» لمواجهة الأزمة الماليّة العالميّة، ولكن الخطوات الإضافية ستجري على أسس وطنيّة، إذ إنّ الزعماء الذين تسهم بلدانهم في أكثر من 85 في المئة من الناتج العالمي، تجاهلوا فكرة إنشاء «سلطة ضابطة عليا» حالياً
لمواجهة أكبر أزمة ماليّة تواجه العالم منذ الكساد العظيم، اجتمع زعماء بلدان مجموعة العشرين (G20) في واشنطن أوّل من أمس، في إطار قمّة دعت إليها أوروبا، وتحديداً رئاستها الفرنسيّة، بعدما أدّى الخلل في السوق الماليّة الأميركيّة إلى انهيارات متلاحقة في الأسواق العالميّة منذ أيلول الماضي، ويؤدّي حالياً إلى دخول الاقتصاد العالمي في مرحلة ركود حتميّة. وتوافق الزعماء على أنّ ضبط الأسواق هو، في الدرجة الأولى، من «مسؤوليّة السلطات الضابطة الوطنيّة»، وبالتالي لم تصل المجموعة إلى حد إعلان أيّة إجراءات جديدة أو تعديلات كبرى في النواحي التنظيمية، وتركت الأمر لكل دولة على حدة لكي تتخذ ما تراه مناسباً.
واكتفت القمّة برسم خطط لتشديد الرقابة على المصارف العالميّة الكبرى ودراسة فرض حدود على أجور المصرفيّين، والسعي لتحقيق انفراجة في محادثات التجارة العالميّة بنهاية العام الجاري، وكل ذلك في إطار خريطة طريق لإعادة بناء النظام المالي العالمي الذي عرقلته الأزمة الائتمانية، على أن يستكمل البحث في قمّة تستضيفها أوروبا (باريس أو لندن) قبل 30 من نيسان المقبل، أي بعد مئة يوم ويوم من تسلّم الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما منصبه في البيت الأبيض.
الرئيس الأميركي الحالي، جورج بوش، رأى أنّ هذه القمّة هي أعظم حدث يشهده قبل نهاية ولايته الثانية، ولكن ما تحتاج إليه بلاده هو خطة تحفيز اقتصادي، هو يرفضها، فيما يقول أوباما إنّه سيعمل لإقرارها عندما يتولّى الرئاسة. ويؤمل أن يكون لهذه الخطّة أثر كبير في الاقتصاد الأميركي الذي يقف على عتبة مرحلة ركود، وبالتالي في العالم أجمع، بعدما اتضح أنّ الأزمة التي انطلقت بعد انفجار فقّاعة الرهون العقاريّة في الولايات المتّحدة، كان لها تداعيات كونيّة، لذا فالعلاجات في المركز ستكون لها انعكسات دوليّة متعلّقة بالنموّ وانتعاش الاقتصادات المتقدّمة والنامية على حدّ سواء.
على أيّ حال، وبانتظار انطلاق القمّة المقبلة التي أعرب أوباما عن استعداده لاستغلالها من أجل بلورة حلول لمشاكل النظام المالي العالمي، سيبحث وزراء ماليّة «G20» في جدول أعمال حافل يتضمّن النقاط الآتية:
1 - تعزيز الشفافية والمسؤولية: ويتضمّن ذلك إصلاح معايير المحاسبة في ما يتعلق بتقدير قيمة الأدوات المالية المركبة عندما يتعذر بيعها في الأسواق.
2 - نشر قواعد تنظيميّة سليمة، بما في ذلك تطوير أنظمة الهيئات المنظمة، وفي هذا السياق سيقوم صندوق النقد الدولي ومنتدى الاستقرار المالي «الموسّع» وغيرهما من الهيئات بتقديم توصيات للتخفيف من جنوح الأسواق إلى المبالغة في التقلبات من ارتفاع وانخفاض، إضافةً إلى ذلك يجب تطوير المراقبة الاحتياطية من خلال التأكّد أنّ وكالات التصنيف الائتماني تطبّق المعايير التي تعتمدها، وأن المؤسسات المالية تملك رأس المال المناسب، وخفض المخاطر المرتبطة ببعض الأدوات المالية المشتقة. وفي هذا الصدد أيضاً لفتت القمّة إلى ضرورة تقديم توصيات حازمة للمصارف في مسألة إدارة المخاطر.
3 - تشجيع نزاهة الأسواق المالية، من خلال تحسين التعاون بين مختلف السلطات القضائيّة، وتبادل المعلومات ودراسة ما إذا كانت القواعد التي تحمي الأسواق والمستثمرين فعالة.
4 - تعزيز التعاون الدولي، عبر إنشاء هيئات مراقبة لكل الشركات المالية الكبرى. وهنا قال بيان القمّة إنّه يجب على «المصارف العالمية الكبرى أن تجتمع مع الهيئة الخاصة بمراقبتها لمناقشة نشاطاتها بعمق، وتقويم المخاطر التي تواجهها هذه المؤسسات».
5 - إصلاح الهيئات المالية الدولية، وهو الموضوع الأبرز ربّما المتعلّق بحقوق البلدان النامية وصلاحياتها.
إذاً فنتائج القمّة التي دعت إليها أوروبا وعُدّ فيها الرئيس بوش «بطّة عرجاء»، كانت عند مستوى التوقّعات، فرئيس المفوّضيّة الأوروبيّة خوسيه مانويل باروزو شدّد عشيّة انعقادها على أنّها لن تنتج «معجزة»، ولكنّها أطلقت على ما يبدو النقاش الحيوي بشأن التشكيلات الجديدة في الاقتصاد العالمي، التي يجب أن يكون فيها للبلدان النامية صلاحيات أكبر. ويُعدّ هذا الإطلاق مهماً حتّى وإن كان لا يشذّ عن تشديد بوش على أنّ ما يحدث في العالم لا يؤكّد فشل نموذج السوق الحرّة، وإن كان بيان القمّة لم يذكر بطريقة واضحة فشل المسؤولين الأميركيّين في الرقابة على الأسواق المنفلتة... فلينتظر العالم القمّة المقبلة وأوباما!.
(الأخبار)


دور الصندوق

أقرّت القمّة ضرورة أن يكون لصندوق النقد الدولي دور متزايد في تقويم القطاع المالي والنصح في السياسة المالية الشاملة وتقديم مساعدة إلى الدول النامية لتطبيق المعايير الدولية الجديدة. وبالتالي القيام بما يجب من أجل «رصد نقاط الضعف وتدارك أي توتر محتمل». وطُلب من الصندوق تعزيز تعاونه مع منتدى الاستقرار المالي الذي سيجري «توسيعه»، ليشمل البلدان النامية، التي تطالب مطالبة متزايدة بصلاحيات أكبر، فيما تمتنع بعض الدول، وفي طليعتها الولايات المتّحدة وكندا عن التخلي عن سيادتها لحساب هيئة فوق سلطتها الوطنية.