تلقّت واشنطن ضربة سياسية جديدة، لكن هذه المرة في ساحة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي وافقت لجنتها الخاصّة على مساعدة دمشق في دراسة جدوى إنشاء مفاعل نووي في سوريا.وبعد ثلاثة أيام من اجتماعها السنوي، أقرَّت «اللجنة التقنية» التابعة لمجلس حكّام الوكالة الدولية، «تسوية» تقضي بالموافقة على الطلب السوري البالغة تكلفته 350 ألف دولار. وكانت مصادر الوكالة في فيينا قد أشارت إلى أن الولايات المتحدة أدركت أنها مرغمة على الموافقة على هذا الطلب، لأنها لا تملك، هي وحلفاؤها في مجلس الحكام الـ 35 (فرنسا وبريطانيا وأوستراليا وكندا)، غالبية الأصوات لإعاقته، بعدما نال تأييد ممثلي الصين وروسيا ودول مجموعة عدم الانحياز.
وجرت، أول من أمس، بلورة «تسوية» كشف مسؤولون من الوكالة، أنها تقوم على تلبية طلب دمشق، شرط عدم تسليم سوريا أي مواد نووية قبل موعد انتهاء الدراسة في عام 2011، على اعتبار أن هذا البلد لا يزال يخضع للتحقيق في قضية موقع الكبر الذي قصفته إسرائيل في أيلول 2007، وتدّعي واشنطن وحلفاؤها أنه كان قيد التطوير ليصبح مفاعلاً نووياً، وهو ما تنفيه دمشق. وقال دبلومسي غربي في ختام اجتماع اللجنة، أمس: «نحن مسرورون بالتوصل إلى اتفاق على المشروع»، مشيراً إلى «أننا مع ممثلي الدول التي تعارض بحزم الطلب السوري، من الداعمين للاتفاق بمجمله». وبرّر الدبلوماسي موافقة الكتلة الحليفة لواشنطن على «التسوية»، بالقول إنّ «المشروع السوري سيصبح بموجب هذه الخطة تحت الأضواء، وستبقى سوريا تحت الأضواء».
وبموجب هذه «التسوية»، فإن «الأمانة العامة لوكالة الطاقة تعهّدت مواصلة وضع المشروع السوري (النووي) تحت الرقابة المشدّدة»، بحسب تعبير الدبلوماسي نفسه، الذي لفت إلى أن جميع الدول المتمثّلة بمجلس حكام الوكالة، «ستحتفظ بحقّ إعادة النظر بمواصلة مشروع سوريا النووي في ضوء التطورات الجارية على صعيد تحقيقات الوكالة على خلفية قضية موقع الكبر».
وستُعرض «التسوية» على شكل توصية أمام مجلس حكّام الوكالة خلال اجتماعه المقرر اليوم وغداً الجمعة.
يُذكَر أن اللجنة المذكورة، درست في اجتماعها السنوي، عدداً كبيراً من الملفات، يبلغ عددها 629 تتراوح مواضيعها بين طلبات مساعدة لدول تسعى إلى إنتاج الطاقة النووية، وقضايا متعلقة بتطوير أدوية ووسائل إنتاج طاقة.
وكانت قضية الطلب السوري، قد فجّرت الخلاف بين المدير العام لوكالة الطاقة، محمد البرادعي، والإدارة الأميركية، حتى وصل الأمر بالمسؤول الدولي إلى اتهام إدارة جورج بوش بتسييس عمل وكالته، بعد رفض واشنطن تقديم المشورة والمساعدة النوويتين لدمشق.
وحذّر البرادعي في وقت سابق من الأسبوع الجاري، من مغبة شنّ حرب أميركية على سوريا بحجة سعيها إلى امتلاك قدرات نووية، مذكّراً بزيف الادعاءات الأميركية في حالة العراق زمن الرئيس صدام حسين.
(أ ب، أ ف ب)