strong>هدأت الأسواق إلى حدّ ما أمس، وتبدّدت المخاوف من الركود جزئياً مع موجة خفوضات الفائدة التي انطلقت في الصين، ويُتوقّع أن تنتهي في أوروبا الأسبوع المقبل. وهي موجة تريد من ورائها السلطات النقديّة مواجهة الخوف، الذي اتّضح أنّ أسبابه الماليّة بدأت تنتفي، لتظهر أسبابه الاقتصاديّة
تفرض الأزمة الماليّة، التي تعتبر الأسوأ التي تهزّ الاقتصاد العالمي منذ الركود العظيم الذي انطلق عام 1929، على صنّاع القرار في العالم اتخاذ تدابير تواجه تطوّرها. ففقدان الثقة والسيولة (أزمة الائتمان) دفع نحو اعتماد تدابير ضمان الودائع والتأميم الجزئي للمصارف. أمّا الآن، فطيف الركود الذي يهدّد الجوانب الحقيقيّة من الاقتصادات العالميّة، يدفع نحو خفض الفوائد، وهي خطوة عوّلت الأسواق على أنّ الاحتياطي الفدرالي سيتخذها في اجتماعه أمس، وبالتالي يخفض الفائدة الأساسيّة بواقع نصف نقطة مئويّة، لتصبح 1 في المئة.
الإجراء الأميركي اتخذ بعدما أعلنت الصين خفض البنك المركزي أسعار الفائدة الأساسية للقروض والودائع بنسبة 0.27 نقطة مئوية في ثالث خفض خلال ستة أسابيع، لتصبح الفائدة 6.66 في المئة، وكذلك بعدما أعلنت النرويج أنّها ستخفض الفائدة الأساسيّة إلى 4.75 في المئة، منهية بذلك أكثر من 3 سنوات من التدابير المشدّدة في سياستها
النقديّة.
وكان الاحتياطي الفدرالي قد خفض معدلات الفائدة 0.5 نقطة في السابع من الشهر الجاري، في إطار تحرك مشترك اتفقت عليه 6 مصارف مركزية حول العالم. وهذا الخفض الذي تقرر خارج الاجتماعات العادية للاحتياطي واللجنة النقدية هو الثامن في الولايات المتحدة، منذ بدء الأزمة في آب من عام 2007، التي تطوّرت بطريقة دراماتيكية على شكل انهيارات ماليّة واسعة في مختلف أنحاء العالم، بعدما تركت السلطات الفدراليّة المصرف الاستثماري «LEHMAN BROTHERS» ينهار ويعلن إفلاسه.
ويُعدّ مستوى الـ1 في المئة لسعر الفائدة الأميركيّة تاريخياً، طُبّق بين حزيران عام 2003 وحزيران من العام التالي. ويتّضح أنّ الولايات المتّحدة في حاجة ماسّة إليه مع استمرار تراجع ثقة المستهلكين الأميركيين، التي انخفضت إلى أدنى مستوى لها في آب الماضي.
ومن المعروف أنّ الإنفاق الاستهلاكي يمثّل ثلثي النشاط الاقتصادي في البلاد.
ولم تنجح محاولة الإدارة الأميركيّة لرفع هذا الإنفاق من خلال خطّة تحفيز اقتصادي تفترض خفوضات ضريبيّة، تبلغ 162 مليار دولار، حيث فضّل الأميركيّون ادّخار نحو 75 في المئة من الأموال التي حصلوا عليها، لعدم ثقتهم بالمستقبل الاقتصادي في البلاد، التي أدّى انفجار فقّاعة الرهون العقاريّة فيها إلى إطلاق أسوأ أزمة ماليّة منذ 80 عاماً. ومن المتوقّع أن تُظهر أرقام الربع الثالث من العام الجاري، تقلّص الناتج المحلّي الإجمالي بنسبة 0.5 في المئة على أساس سنوي.
من جهة أخرى، حقّقت الأسهم الآسيويّة مكاسب كبيرة في نهاية جلسة التداول أمس، وارتفع مؤشّر «NIKKEI» بنسبة 7.7 في المئة، كما سجّلت المؤشّرات في أوروبا أرباحاً، حيث ارتفع مؤشر «يوروفرست» لأسهم كبرى الشركات الأوروبية 5.8 في المئة، وجاءت معظم مكاسبه من أسهم المصارف وشركات النفط بفضل صعود سعر النفط 3.5 دولارات، بعدما كان عند مستوى هو الأدنى له منذ 17 شهراً، إثر الانحدار الحاد الذي شهده، حيث انخفض بأكثر من 55 في المئة منذ وصوله إلى مستواه القياسي التاريخي في تمّوز الماضي، الذي قارب الـ150 دولاراً.
ورغم أنّ الأسواق توضح أن ارتفاع أسعار النفط ناتجة من التأثرّ بالصعود السريع في أسعار الأسهم، فإنّ هناك مراقبين يرون أنّ هذا الارتفاع سببه انخفاض سعر صرف اليورور أمام الدولار، بسبب خفض الفائدة الذي كان متوقّعاً أن يقوم به الاحتياطي الفدرالي.
وفي اليابان، تشير التقارير الإعلاميّة إلى أنّ المصرف المركزي سيبحث خفض الفائدة الأساسيّة خلال الاجتماع الذي يعقده في غداً، غير أنّه سيراقب أحوال الأسواق وكيفيّة تفاعلها مع خطوة الاحتياطي الفدرالي، قبل أن يقرّر، حسبما كشف مصدر مطّلع تحدّث لوكالة «رويترز».
أمّا المصرفان المركزيّان الأوروبي والبريطاني، فمن المتوقّع أن يليّنا سياستهما النقديّة خلال الاجتماعات التي سيعقدانها في الأسبوع المقبل. ومن المتوقّع أن يخفض المصرف الأوّل فائدته الأساسيّة بواقع نصف نقطة إلى 3.25 في المئة، وهو أدنى مستوى منذ عامين. وهي خطوة من المفترض أن تعيد الثقة إلى حدّ ما لدى المستثمرين الخائفين من موجة الركود المقبل، كما من شأنها أن تساعد على تحفيز الاقتصاد من خلال رفع حجم الاستثمارات، التي يظهر تقلّصها من خلال الأرقام التي تفيد أنّ أكبر اقتصادات في القارّة العجوز تعاني انكماشاً.
(الاخبار)


خطّة تحفيز أوروبيّة

تنوي المفوضيّة الأوروبيّة مضاعفة صندوق الأزمات الذي يقدّم مساعدات إلى دول الاتحاد الأوروبي المتعثّرة، لتصل قيمته إلى 25 مليار يورو (سقفه الحالي هو 15 مليار يورو)، كما تنوي طرح برنامج تحفيز اقتصادي للدول الأوروبيّة، من أجل مساعدتها على مواجهة موجة الركود المقبلة التي تنبئ بها الأرقام الصادرة عن أكثر من دولة أوروبيّة، وأهمّها فرنسا وبريطانيا وألمانيا. وأوضح رئيس المفوضيّة، خوسيه مانويل باروزو، أنّ خطّة التحفيز ستتضمّن «إجراءات محدّدة على المدى القصير»، وستُطرح في 26 من الشهر المقبل.