strong>هبطت مؤشّرات الأسهم في البورصات العالميّة أمس، بعدما تبيّن أنّ الخطّة التي وضعتها السلطات الأميركيّة لإنقاذ الأسواق الماليّة وقيمتها 700 مليار دولار، يؤخّر إقرارها في الكونغرس اختلاف الرؤى بين الجمهوريّين والديموقراطيّين. وذلك فيما تسجّل أسعار النفط والذهب قفزات تاريخيّة: المستثمرون يفضّلون الملاجئ الآمنة
ارتفعت أسعار النفط في بورصة نيويورك في جلسة التداول أوّل من أمس، بأكثر من 16 دولاراً للبرميل، وهي أعلى قفزة تاريخيّة، تعبّر عن الهشاشة التي تسيطر على الأسواق الماليّة وعلى أسواق السلع الأساسيّة، فيما لا يزال المستثمرون والمراقبون ينتظرون متى وكيف سيجري إقرار خطّة إنقاذ الأسواق الماليّة. وفي لندن أيضاً، ارتفع سعر برميل الخام بأكثر من 25 دولاراً، ووصل في منتصف جلسة التداول أوّل من أمس، إلى 130 دولاراً، أي أكثر بـ25 دولاراً من المستوى المنخفض الذي سجّله الأسبوع الماضي.
وهذان الارتفاعان القياسيّان يشيران بوضوح إلى استمرار لجوء المستثمرين إلى العقود النفطيّة المستقبليّة والذهب (ارتفع سعر الأونصة إلى أكثر من 900 دولار)، منذ بدأت الأزمة الماليّة الأخيرة في بداية الأسبوع الماضي، وذلك على الرغم من الارتدادات الطفيفة كتلك التي حدثت أمس، حيث انخفض سعر برميل مزيج «برنت» دولاراً واحداً في بداية التداول في نيويورك ووصل إلى 107 دولارات، بعد إقفال على 108 دولارات.
وكانت الأسعار قد اتخذت منحى انخفاضياً منذ وصولها إلى مستواها القياسي التاريخي في منتصف تمّوز الماضي، في ظلّ خوف المستثمرين من أنّ ارتفاع أسعار الطاقة وتراجع عجلة الاقتصاد العالمي، سيؤدّيان إلى انخفاض الطلب على النفط. وبالفعل فإنّ الطلب على الوقود الأحفوري في الولايات المتّحدة، المستهلك الأكبر للنفط في العالم، انخفض بحدود الـ4 في المئة عن المستوى الذي سجّله خلال العام الماضي.
ولكن التقارير التي تفيد أنّ السعوديّة تقوم بخفض إمداداتها إلى الشركات النفطيّة الكبرى وإلى الولايات المتّحدة، إضافة إلى استمرار التوتّرات في نيجيريا (الإعلان عن «الحرب النفطيّة» في دلتا النيجر)، وارتفاع واردات الصين النفطيّة بنسب أكبر من المتوقّع، جميعها عوامل تدفع نحو رفع الأسعار، بحسب ورقة بحثيّة نشرتها مؤسّسة «BARCLAYs CAPITAL».
إضافةً إلى ذلك، فإنّ ما يزيد القلق على النفط هو التعافي البطيء للمصافي في القطاع النفطي الأميركي، بسبب الإعصار «آيك»، الذي أحدث أضخم انقطاع في الإمدادات النفطيّة الأميركيّة منذ عام 2005. ففي خليج المكسيك، حيث ضرب الإعصار، لا يزال نحو 80 في المئة من إنتاج الوقود الأحفوري متوقّفاً، فيما تبقى 7 مصافٍ تنتظر الإصلاحات التي أحدثتها العواصف. ومن المعروف أنّ ربع الإنتاج النفطي الأميركي يجري في منطقة خليج المكسيك.
وتأتي هذه التطوّرات بعدما كانت منظّمة الدول المنتجة للنفط، «أوبك»، قد اتخذت قراراً خلال اجتماعها في بداية الشهر الجاري، لخفض الإنتاج بما يتوافق مع السقوف المحدّدة، وذلك إثر رفع السعوديّة إنتاجها بأكثر من 700 ألف برميل. وهو إجراء اتخذه البلد الإسلامي بسبب الضغوط الغربيّة التي بدأت في أوّل العام (مع وصول سعر البرميل إلى 100 دولار) وتعاظمت في تمّوز الماضي.
وفي هذا الصدد، توقّع العضو الأقلّ إنتاجاً في المنظّمة، الإكوادور، أوّل من أمس، أن يبقى سعر برميل النفط فوق حاجز الـ100 دولار خلال العام المقبل، وأنّه من المحتمل أن تستقرّ الأسعار خلال الأسابيع المقبلة.
ولكن في ظلّ استمرار التذبذبات في الأسواق الماليّة، ستستمرّ الهشاشة في أسعار النفط، وخصوصاً تلك التي تتداول على أساسها العقود المستقبليّة لشهري تشرين الأوّل وتشرين الثاني المقبلين.
فبعد ارتفاعات قياسيّة ولّدها الإعلان عن خطّة إنقاذ القطاع المالي في الولايات المتحدة، عادت مؤشّرات الأسهم في الولايات المتّحدة والعالم لتنخفض أمس، بسبب عدم اليقين من الفترة الزمنيّة التي سيتطلبّها الكونغرس الأميركي لإقرار تلك الخطّة، في ظلّ التجاذب بين الجمهوريّين والديموقراطيّين. فالأخيرون يطرحون تعديلات على الخّطة التي تهدف إلى شراء الأصول الماليّة الهالكة من الأسواق بمبلغ مفترضٍ يصل إلى 700 مليار دولار.
ومن بين تلك الاقتراحات، إمكان امتلاك دافعي الضرائب الأميركيّين حصّة، على شكل ضمانات لبيع الأسهم، في الشركات التي تسعى إلى بيع المنتجات الماليّة التي لا تستطيع تصريفها، وتورّطها في أزمة سيولة بسبب خوف المقرضين من أدائها المستقبلي.
وإزاء هذا الواقع، يحذّر وزير الخزانة الأميركيّة، هنري بولسون، ورئيس الاحتياطي الفدرالي، بن برنانكي، من خطورة تأخير إقرار الخطّة من جانب المشرّعين والشيوخ. ولكن في المقابل يعبّر الكثير من السياسيّين الديموقراطيّين عن عدم ثقتهم بالرئيس جورج بوش، ويشبّهون طلب إدارته إقرار الحزمة الإنقاذيّة، بطلب إقرار اجتباح العراق!
(الأخبار)


ضغوط هائلة

لا تزال الأسواق تنتظر المحادثات التي تجري في الكونغرس الأميركي لبتّ الخطّة الماليّة المتوقّع أن تقدّم «حلاً نهائياً» للمعمعة الماليّة التي تعصف بـ«وول ستريت». ولكن هذا الإقرار يبدو أنّه سيتأخّر أكثر من المعتاد ما سيكون له «عواقب خطرة جداً» على الأسواق الأميركيّة، بحسب رئيس الاحتياطي الفدرالي بن برنانكي. الذي قال في ملاحظات أعدّها للتوجيه إلى الكونغرس إنّ ثمة «حاجة ماسة» إلى تحرك في الكونغرس، «فرغم جهود الاحتياطي الفدرالي والخزانة وعدد من الوكالات، تبقى الأسواق المالية العالمية خاضعة لضغوط هائلة».