نما الاقتصاد الإماراتي بنسبة 5.2 في المئة في عام 2007، وتطوّرت فيه بشكل ملحوظ القطاعات غير النفطيّة. فهذا الاقتصاد، مثل سائر اقتصادات بلدان الخليج العربي يسعى إلى التنويع، وهي مسيرة تفترض نموّاً في مجالات عديدة، وحصانة قانونيّة أكبر للشركات، بدأ المحامون يجنون ثمارها
حسن شقراني
ترتفع رواتب محامي الشركات في الإمارات العربيّة المتّحدة ارتفاعاً سريعاً، متماهية مع الفورة التي تشهدها البلاد والتي تدفعها نحو الابتكار أكثر في استثماراتها الداخليّة والخارجيّة وفي التنويع في اقتصادها من خلال دفعه نحو مساحات أبعد من الارتباط بالاحتياطي من الوقود الأحفوري الذي يبلغ 97.8 مليار برميل، يُنتج منه 2.6 مليون برميل يومياً تحقّق عوائد قياسيّة منذ أن بدأ سعر النفط مسيرته التصاعديّة القياسيّة.
فبحسب دراسة أعدّها مركز الأبحاث، «TESSERA EXECUTIVE SEARCH» بالتعاون مع مجموعة الاستشارات الإماراتيّة، «DUBAI CORPERATE CONSEL GROUP»، فإنّ معدّل مداخيل محامي الشركات في البلد الخليجي بلغ 22300 دولار، وتحديداً في قطاعات المصارف والخدمات الماليّة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بعدما كان هذا الارتفاع يخصّ أساساً المحامين في الشركات الضخمة العاملة في قطاع العقارات.
الدراسة التي شارك فيها 194 محامياً عاملاً في شركات داخل الإمارات، توضح أنّ المداخيل المتراوحة بين 130 ألف درهم (35300 دولار) و150 ألف درهم (40800 دولار) للمحامين أصبحت شائعة في هذا البلد النامي. وأصبح المحامون الذين يتقاضون أكثر من 100 ألف درهم شهرياً (27200 دولار) يشكّلون نحو 20 في المئة من مجموع المحامين العاملين لدى الشركات.
وبشكل عام، تدفع الشركات الإماراتيّة للمحامين بحسب عدد السنوات التي قضوها في تمرّس المهنة، وهو ما يعرف بـ«خبرة ما بعد التأهّل». وفي هذا السياق، وجدت الدراسة أنّ معدّل رواتب المحامين الذين تأهّلوا بأقلّ من 4 سنوات يبلغ 31 ألف درهم (8500 دولار). ويرتفع هذا المعدّل في قطاع المصارف والمؤسّسات الماليّة ليبلغ 66 ألف درهم (حوالى 18 ألف دولار).
أمّا المحامون الذين يتمتّعون بخبرة تتراوح بين 5 أعوام و7 أعوام، فيتقاضون أعلى معدّل للرواتب في القطاع المصرفي والمالي، ويبلغ 94 ألف درهم شهرياً (25.5 ألف دولار)، فيما يبلغ معدّل رواتب المحامين الذين يتميّزون بخبرة تتراوح بين 8 سنوات و10 سنوات حوالى 115 ألف درهم (31.3 ألف دولار) وهذا المبلغ ينسحب كذلك على قطاع المصارف.
وهذه الارتفاعات يفسّرها رئيس مجموعة الاستشارات الإماراتيّة، جاستين كونور، بالقول إنّ «سبباً جزئياً في ذلك يعود إلى وجود نقص في عدد المحامين المؤهّلين في الأسواق، يترافق مع ارتفاع الطلب على محامي الشركات. فأكثر من 75 في المئة من رؤساء الأقسام (في شركات الإمارات) يسعون إلى توسعة أقسامهم وتطويرها وزيادة نسبة التوظيف، ويظهر ذلك تحديداً في إمارة أبو ظبي التي تبلور خطط توسّع دراماتيكيّة».
وينقل الموقع الإلكتروني لـ«الشبكة الماليّة» لبلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، «MENAFN» عن كونور قوله «إنّ الأسباب الأخرى لارتفاع الرواتب تعود إلى ارتفاع كلفة المعيشة، في ظل موجة التضخّم الحادّة التي تضرب العالم أجمع، إضافة إلى انخفاض سعر صرف الدولار، الأمر الذي يخفض من القيمة الحقيقيّة للتعويضات ويزيد الضغوط على المداخيل. ويتابع «نحن نتوقّع أن تستمرّ حرب المواهب مع احتمال استمرار الرواتب بالارتفاع أكثر، وخصوصاً رواتب الذين يمتلكون خبرة إقليميّة».
وبالفعل، فإنّ التوسّع الذي يشهده الاقتصاد الإماراتي يفترض نموّاً مضطرداً في مجالات الرعاية القانونيّة للشركات، وخصوصاً أنّ هذا النموّ أصبح يعتمد أكثر فأكثر على القطاعات غير النفطيّة وبالتالي يتمّ تركيز التوجيه على جوانب قانونيّة أكثر تعقيداً من تلك التي تحكم العلاقات التقليديّة للشركات النفطيّة مع الدول، وخصوصاً عندما يتمّ الحديث عن قطاع المصارف والخدمات الماليّة.
فبحسب الأرقام الأخيرة التي نشرتها السلطات الإماراتيّة، بلغ حجم الناتج المحلّي الإجمالي في البلاد العام الماضي، 198 مليار دولار، مرتفعاً بنسبة 5.2 في المئة عن العام السابق، وتمثّل نتيجة نشاطات القطاعات غير النفطيّة أكثر من 64 في المئة منه. وقد نما الناتج في تلك القطاعات بنسبة 16.8 في المئة، وبلغ 127 مليار دولار (يبقى 71 مليار دولار للقطاع النفطي). كذلك ارتفع الإنفاق الاستهلاكي بنسبة 22.6 في المئة وبلغ 40 مليار دولار في عام 2007، بعدما كان 121 مليار دولار في العام السابق. وهذه الفورة تتطلّب مواكبة قانونيّة تحمي أداء الشركات من الثغر، وهنا يأتي دور المحامين ورواتبهم الآخذة بالارتفاع في بلاد يعدّ 80 في المئة من سكّانها مغتربين.


تقلّص الفوارق

يتقاضى المحامون في أميركا الشماليّة أعلى معدّلات في الرواتب، يلحقهم نظراؤهم في إنكلترا وويلز، فيما يبقى في أسفل اللائحة، بحسب دراسة مؤسّسة «TESSERA EXECUTIVE SEARCH»، المحامون في شبه القارّة الهنديّة. وفي هذا الصدد، تقول الشريكة في المؤسّسة المذكورة، إليزابيث ويليامز، إنّ «المحامين في أميركا الشماليّة وأوروبا يتقاضون رواتب أكثر بكثير من نظرائهم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ولكن هذا العام تقلّصت الفوارق، فالمحامون الذين يتقنون لغتين قد يتقاضون ما يقارب الـ66.5 ألف دولار شهرياً».