عادت ملامح التوتر لتظلل العلاقة بين القاهرة و«حماس»، وسط هجمات إعلامية متبادلة، على خلفية الحوار الوطني الفلسطيني والأحداث الأخيرة في قطاع غزة بين الحركة الإسلامية وغريمتها التقليدية حركة «فتح»
القاهرة ــ خالد محمود رمضان
بينما تبدي حركة «حماس» تململاً من تعرضها لـ«حملة مغرضة» عبر صفحات جريدة «الأهرام» المقربة من دوائر صنع القرار السياسي في مصر، نفى قياديون في الحركة ومسؤولون مصريون توقف الاتصالات بين الطرفين.
وفيما كان نائب رئيس جهاز المخابرات المصرية، اللواء عمر قناوي، يسلم الرجل الثاني في «حماس»، موسى أبو مرزوق، دعوة رسمية للمشاركة في مؤتمر للحوار الوطني الفلسطيني المزمع عقده عقب عيد الفطر، كان رئيس تحرير «الأهرام» أسامة سرايا يتهم «حماس» مجدداً بالانقلاب على الشرعية التي يمثلها الرئيس الفلسطيني محمود عباس عبر السيطرة على قطاع غزة.
«حماس» رأت أن الاتهامات بمثابة محاولة لدق إسفين مع مصر، فيما راجت في العديد من الأوساط السياسية نظرية وجود تباين داخل المطبخ المصري حيال كيفية التعامل مع الحركة الإسلامية.
ورأت مصادر دبلوماسية غربية في الحفاوة الأمنية والهجوم الإعلامي تناقضاً صارخاً، لكنها أشارت إلى أن الأمر بمثابة إعادة لتوزيع الأدوار «فجناح يضرب وجناح يتلقف على الطريقة المصرية».
لكن «حماس» لا تبدو مقتنعة بهذه التفسيرات، ويصر قادتها على تعليق الاتهامات في رقبة رئيس تحرير «الأهرام»، باعتباره يستقي معلوماته وأفكاره عن الوضع داخل الأراضي الفلسطينية من عيون «فتحاوية» فقط من دون أن ينفتح على الجميع. ونفت ما نشرته الصحيفة في نيسان الماضي عن إعداد الحركة «خطة لاقتحام الحدود المصرية ـــــ الفلسطينية في رفح عبر قصفها بالهاون وتلغيم الأنفاق ونسف الجدار بالمتفجرات وإصدار فتوى تبيح لعناصرها قتل الجنود المصريين».
كذلك اتهمت «حماس» الصحيفة بقيادة حملة على الحركة والشعب الفلسطيني عبر نشر معلومات كاذبة عنها، نافية ما ذكرته الصحيفة قبل أسابيع بشأن اعتقال خلية تنظيمية من جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر و«شراء كتائب القسام تقنيات لتطوير طائرات من دون طيار».
لكن الحركة، في المقابل، صعّدت من انتقادها لمصر لاستمرار إغلاق معبر رفح الحدودي مع القطاع، واتهمتها بعرقلة سفر وفد برلماني يمثلها إلى الخارج لحشد تأييد لكسر الحصار، مرجعة الموقف المصري لـ«اعتبارات سياسية وضغوط مرفوضة».
وقال المتحدث باسم كتلة «حماس» في المجلس التشريعي، صلاح البردويل، إن «السلطات المصرية تتجاهل منذ أكثر من أسبوعين طلباً قدمته حركة «حماس» وكتلتها البرلمانية للسماح بوفد برلماني يترأسه أحمد بحر، رئيس التشريعي بالإنابة، كان من المقرر أن يزور عدة دول عربية وإسلامية». وأضاف أن «الهدف من زيارة الوفد البرلماني كان التواصل مع البرلمانات والحكومة العربية التي وجهت لنا دعوة بزيارتها لشرح الأوضاع الفلسطينية وبحث مستجدات جهود استئناف الحوار الوطني الفلسطيني، إلا أن السلطات المصرية تعرقل هذا الزيارة بشكل غير مبرر».
وأشار البردويل إلى أن جولة الوفد البرلماني كان من المقرر أن تكون منتصف الأسبوع الماضي، متهماً السلطات المصرية «بتجاهل طلب الوفد بفتح معبر رفح جزئياً للسماح بسفره». وقال إن مصر «قطعت أي تنسيق رسمي أو برلماني لمعالجة هذا الأمر». وأضاف أن «تعامل السلطات المصرية مع إجراءات التنسيق للوفد كان جافاً ومستهجناً لا يرقى أبداً للمعاملة المفترضة لقيادات الشعب الفلسطيني المنتخبة».
وأضاف البردويل أن «هذه المعاملة غير المبررة راجعة إلى ضغوط تمارسها مصر علينا للرضوخ لمطالبها في تسريع عقد صفقة تبادل الأسرى والإفراج عن الجندي الإسرائيلي الأسير في غزة جلعاد شاليط، في وقت لا تلتزم فيه إسرائيل شروط المقاومة لعقد الصفقة».
وفي إطار الصراع الداخلي الفلسطيني، أعلن مصدر رسمي أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس استقبل أمس في مقر الرئاسة في مدينة رام الله (الضفة الغربية) عدداً من أفراد عائلة حلس «الخارجين قسراً من قطاع غزة» إثر «العدوان الوحشي» لـ«حماس».
وقالت الرئاسة الفلسطينية، في بيان، إن «الرئيس اطّلع من أفراد العائلة على حجم المأساة التي حلت بالمواطنين الآمنين في منازلهم بحي الشجاعية جراء الهجوم السافر الذي نفذته ميليشيات حماس».
إلى ذلك، نفى القيادي في «فتح»، سمير مشهراوي، المعلومات بشأن خلاف بين مجموعتي محمد دحلان وحلس، لكنه أشار إلى «خلاف في وجهات النظر مع الأخ أحمد حلس في الموقف من أن حركة حماس تستهدف كل فتح، لا جزءاً معيناً».