الحرب الروسيّة ــــ الجورجيّة، دخلت في منحى دراماتيكي، أمس، بعد إعلان تبيليسي دخول القوات الروسية أراضي جورجيا، بعدما سيطرت على مدينة غوري، التي تبعد 90 كيلومتراً عن العاصمة تبيليسي وهو ما نفته موسكو.وأعلنت الحكومة الجورجية، في بيان، أن القوات الجورجية تنسحب باتجاه العاصمة للدفاع عنها في مواجهة تقدم الجيش الروسي. وأضافت «دخل جيش الاحتلال التابع لاتحاد روسيا الأراضي الجورجية خارج مناطق النزاع في أبخازيا وأوسيتيا».
وأعلن سكرتير مجلس الأمن القومي الجورجي، ألكسندر لومايا، أن القوات الروسية تمكّنت من احتلال مدينة غوري، كبرى المدن الجورجية الواقعة على مقربة من الحدود مع أوسيتيا الجنوبية. وأضاف «تلقّت القوات المسلحة الجورجية أمر الانسحاب من غوري وتعزيز المواقع قرب متسخيتا، التي تقع على بعد 24 كيلومتراً عن تبيليسي، للدفاع عن العاصمة».
جورجيا لم تترك وسيلة لمحاولة وقف القتال، فهي أعلنت قبولها المبادرة الأوروبية لوقف إطلاق النار، والعودة إلى الخطوط التي كانت قائمة قبل اندلاع الصراع في 8 آب 2008، إلا أن نائب رئيس الوزراء الروسي، سيرغي إيفانوف، رفض الجهود الأوروبية، وقال إن على تبيليسي أن تتفاوض على إنهاء القتال مباشرة مع المناطق الانفصالية، موضحاً أن «اتفاق السلام يجري توقيعه بين طرفين عند لقائهما. نحتاج إلى اتفاق مكتوب بين جورجيا من جانب، وأوسيتيا وأبخازيا من جانب آخر».
وكان وزير الخارجية الفرنسي، برنار كوشنير، قد أشار خلال زيارته تبيليسي، أمس، إلى أن على الاتحاد الأوروبي التحرك لوقف إطلاق النار «لأن الولايات المتحدة طرف نوعاً ما في النزاع». كلام كوشنير صادق عليه رئيس الوزراء الروسي، فلاديمير بوتين، بانتقاده الولايات المتحدة لسماحها لجورجيا بسحب جنودها الألفين من العراق.
إلا أن المساعدة الأميركية لم تقتصر على السماح بسحب الجنود. إذ كشفت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية عن أن واشنطن تنقل العتاد المخصص لجنودها في العراق إلى تبيليسي عبر مطار العقبة الأردني.
وفيما يتوقع وصول الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى موسكو اليوم لبحث جهود وقف إطلاق النار، وافق حلف شمالي الأطلسي على طلب موسكو عقد اجتماع اليوم أيضاً للتباحث في النزاع الروسي ــــ الجورجي.
وتشير مصادر فرنسية إلى أن موسكو ستضع أمام المفاوض الأوروبي مجموعة مطالب، تبدأ بانسحاب كامل لقوات جورجيا، ليس فقط من أوسيتيا الجنوبية، بل من أبخازيا وأجاريا، وهي منطقة تطالب أيضاً بالاستقلال، مع تعهد بعدم اللجوء إلى السلاح لحل مسألة الأقليات، وهو ما يعني إبقاء الوجود الروسي الدائم في المقاطعات الثلاث إلى جانب فرض «ممر آمن بين أبخازيا وأجاريا»، وبالتالي السيطرة على منفذ جورجيا على البحر الأسود. كما من المتوقع أن تطالب روسيا بضمانات بخصوص عدم انضمام جورجيا وأوكرانيا إلى الحلف الأطلسي.