strong>بعد القرار الذي أصدره العام الماضي، والمتعلّق بتعزيز الرقابة على السياسات الاقتصاديّة في البلدان الأعضاء، يهدف صندوق النقد إلى تطبيق إجراءات جديدة، أساسها تطوير المناقشات المكثفة لتطبيق الآليّات الفضلى لإدارة أسعار الصرف لأنّ «وضع الاستقرار الخارجي هو في صميم أنشطة الصندوق الرقابية»
نشر صندوق النقد الدولي إجراءات جديدة للكيفية التي سيمارس بها الرقابة على السياسات الاقتصادية في البلدان الأعضاء، مع توضيح خاص للأسلوب الذي سيتبعه في عقد مناقشات مع هذه البلدان عن قضايا أسعار الصرف وتأثيرها على الاقتصاد العالمي.
وتهدف الإجراءات الجديدة إلى تيسير تنفيذ قرار نوعي اعتمده المجلس التنفيذي في العام الماضي، وأدّى إلى تعزيز رقابة الصندوق على السياسات الاقتصادية في البلدان الأعضاء من طريق «وضع الاستقرار الخارجي في صميم أنشطة الصندوق الرقابية» وتشجيع المزيد من التركيز والصراحة في عملياته. وذلك يبدو مهماً للرقابة في وقت تسود فيه التوترات المتزايدة في الاقتصاد العالمي.
وقد أحرز الصندوق تقدماً في تنفيذ القرار. وهو يشدّد في نشرته الأخيرة على تركيز المناقشات بين فرق البعثات التي يوفدها وحكومات البلدان الأعضاء، على كيفية تأثير السياسات الاقتصادية القطرية على استقرار اقتصادات هذه البلدان واقتصادات البلدان الشريكة لها، حسبما تنص المادة الرابعة من اتفاقية تأسيس الصندوق.
وفي هذا الصدد، يقول مدير إدارة تطوير ومراجعة السياسات في الصندوق، مارك آلن: «أعتقد أننا نتفق جميعاً على أن أسعار الصرف تقع في صميم التفويض المنوط بالصندوق، وأن على الصندوق أن يقدم تحليلات دقيقة وتقويمات واضحة في هذا الخصوص، للتوصل في نهاية المطاف إلى تركيز أذهان صانعي السياسات على القضايا المحورية وتشجيع الاستجابات الملائمة على صعيد السياسات».
إلّا أنّه لا يزال من الصعوبة بمكان، بحسب التقرير، التوصل إلى استنتاجات قاطعة في شأن أسعار الصرف، مثل احتمال عدم اتّساقها. وقد أجرى خبراء الصندوق وإدارته العليا مناقشات مكثفة في العام الماضي مع العديد من البلدان الأعضاء في شأن أسعار عملاتها. وكانت بالغة النفع، لأنّها ركّزت على مدى ملاءمة مستويات أسعار الصرف والأنظمة (وهي أمور لم تحظ بمثل هذا الاهتمام من قبل) وإتاحتها الفرصة لخبراء الصندوق وسلطات البلدان كي يُنعم كل منهما النظر في آراء الطرف الآخر.
وفي ضوء هذه التجربة، يطرح التقرير إجراءات لإضفاء الطابع الرسمي على هذا الحوار المكثف مع البلدان الأعضاء. وعلى وجه التحديد، يقترح المدير العام لصندوق النقد الدولي، دومينيك شتراوس ـــــ كان، استخدام «المشاورات المخصّصة» أداةً كاملة لمشاورات المادة الرابعة الاعتيادية في الحالات التي يستشعر فيها الصندوق أن البلد العضو قد لا يكون مراعياً لواحد أو أكثر من المبادئ الأربعة الموضحة في قرار عام 2007 أو احتمال أن يكون سعر صرف عملته في حالة اختلال أساسي، وإن كان هذا الاختلال غير ناشئ من اتباع سياسة صرف تفاعلية (عند تعويم سعر الصرف، على سبيل المثال).
ويتسم هذا الإجراء بميزات متعددة، أولاها، ضمان أن يكون للمجتمع الدولي صوت مسموع أيضاً (من خلال المشاركة في المجلس التنفيذي)، وأن يكون هناك فهم تام لطبيعة المناقشات الدائرة، وأن تُنجَز هذه العملية على أساس من المساواة. وثانيتها، منح البلدان الأعضاء فرصة لصياغة آرائها وطرحها على نحو شامل، وكذلك تعديل سياساتها إذا رأت في هذا التعديل أمراً مرغوباً.
أمّا ثالثتها، فهي المساعدة على الخروج بخلاصة نهائية لاستنتاجات معينة، وهي إذا ما كان سعر صرف البلد العضو في حالة اختلال أساسي أو كان العضو مراعياً لواحد أو أكثر من المبادئ الأربعة.
وتقسّم تلك المبادئ بحسب قرار عام 2007، كالآتي: 1 ـــــ على البلد العضو أن يتجنّب التأثير على أسعار الصرف أو النظام النقدي الدولي للحؤول دون إجراء تعديل فعال في ميزان المدفوعات أو لكسب ميزة تنافسية غير عادلة تميّزه عن الأعضاء الآخرين. 2 ـــــ ينبغي أن يتدخل البلد العضو في سوق الصرف إذا كان ذلك ضرورياً لمواجهة أوضاع غير منظّمة. 3ـــــ ينبغي أن تراعي البلدان في سياسات التدخل المعمول بها مصالح البلدان الأخرى. 4ـــــ على البلدان الأعضاء تجنّب تطبيق سياسات أسعار الصرف المخلّة بالاستقرار الخارجي.
ويلفت التقرير إلى أنّه لن يكون للشروع في جولة مشاورات مخصصة أي تأثير على الخلاصة النهائية، كذلك لن يعني أن تغيير سعر الصرف الاسمي هو السبيل الوحيدة أو الأمثل، للتخلص من الجوانب الأساسية المثيرة للقلق. فبحسب آلن، «يجب النظر في سعر الصرف على خلفيّة حالة الاقتصاد ككل في البلد العضو وفي ضوء ما يطرأ من تطوّرات عالميّة وإقليميّة، وغالباً ما يكون اختلال سعر الصرف مجرد مؤشر بسيط على عدم اتساق السياسات، وهو أمر يمكن إيجاد حل أمثل له دون اللجوء إلى تغيير سعر الصرف».
(الأخبار)


الرقابة الثنائية

يتمثل الهدف من قرار العام الماضي، في ضمان إقامة حوار في شأن السياسات بين الصندوق وبلدانه الأعضاء يتسم بمزيد من التركيز والصراحة وبدرجة أكبر من الفعالية على وجه الإجمال، وذلك من طريق بلورة رؤية مشتركة لما تعنيه الرقابة الثنائية.
ويتيح القرار إطاراً نظرياً متّسقاً لتقدير كيفية تأثير السياسات الاقتصادية في البلدان الأعضاء على استقرار اقتصاداتها المحلية والنظام النقدي العالمي. كذلك يحدد القرار أربعة مبادئ تسترشد بها البلدان الأعضاء في إدارة أسعار صرفها.