بهدف تحديث مصانع التجميع وتطوير الجيل الجديد من السيّارات الموفّرة للوقود، تطلب شركات صناعة السيّارات الأميركيّة، من الكونغرس قروضاً بقيمة 50 مليار دولار بفوائد منخفضة على 3 سنوات. فالأسواق لا تنفكّ تزداد صعوبة لدرجة أنّ «GENERAL MOTORS» تدرس بيع وحدتها «HUMMER» إلى مستثمرين خليجيّين
حسن شقراني
ليس انخفاض مبيعات السيّارات في الولايات المتّحدة بنسبة 10.5 في المئة خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2008، سوى إنذار جديد لشركات صناعة السيّارات الأميركيّة من أجل تطوير استراتيجيّات تعتمد إعادة هيكلة ماليّة وتقنيّة، لإنتاج آليّات جديدة (سيّارات وشاحنات وسيّارات الدفع الرباعي)، تستطيع المنافسة.
«GENERAL MOTORS»، العملاق في هذه الصناعة، انخفضت حصّتها من السوق الأميركية إلى 20.4 في المئة في تمّوز الماضي، من 23.9 في المئة خلال الفترة نفسها من العام الماضي، فيما انخفضت مبيعاتها بنسبة 17.5 في المئة، خلال الفترة الممتدّة بين كانون الثاني الماضي وآب الجاري. وهي تشعر بالوخز منذ مطلع العام، مع تخطّي سعر برميل النفط حاجز الـ100 دولار، ومعاناة سيّاراتها الضخمة، المستهلكة بشراهة للوقود، في محاولتها مجاراة منافساتها التي اعتُمدت معايير التوفير في صناعتها.
ولذلك تتخذ إجراءات حيويّة لإنعاش سيولتها ومبيعاتها. وتلك الإجراءات تتضمّنها خطّة تفترض بيع أصول بقيمة 4 مليارات دولار، إضافة إلى استثمار نحو 500 مليون دولار لإنتاج سيّارة جديدة، صغيرة وموفّرة للوقود، يصنعها فرع «CHEVROLET»، وستسمّى «CRUZE». والخطّة تعتمد أيضاً نموذجاً جديداً من استراتيجيّات البيع، يقضي بتقديم عروض سخيّة، كان العامان الماضيان قد شهدا الاستغناء عنها.... كلّ ذلك من أجل خفض الأكلاف بقيمة 10 مليارات دولار خلال عام 2009، بعدما كانت الشركة قد استثمرت 20 مليار دولار لتطوير عمليّاتها في الولايات المتّحدة خلال السنوات الخمس الماضي، إلّا أنّها لم تفلح، واضطرّت في الفترة الأخيرة إلى طرد آلاف الموظّفين.
ولكن بعض تلك الإجراءات يتخذ منحى جذرياً: بيع أحد الفروع مثلاً. فقد نقلت وكالة «رويترز» عن مدير شركة «GENERAL MOTORS» في الشرق الأوسط، تيري جونسون، قوله إنّ مستثمرَين خليجيَّين أعربا عن رغبتهما في شراء فرع «HUMMER» التابع للشركة الأميركيّة، بعدما تأثّرت مبيعاته بحدّة، بسبب الصعوبة التي تلاقي الطلب على هذه السيّارة الرباعيّة الدفع، المستهلكة بقوّة للوقود.
جونسون يوضح أنّه «بالتأكيد ظهر بعض الاهتمام من أطراف مختلفة في الخليج» بشراء «HUMMER»، وهذه العمليّة إذا تمّت تعدّ مشابهة لعمليّات أخرى، استحوذ من خلالها خليجيّون على حصص في شركات سيّارات عريقة.
ففي عام 2005، اشترت الشركة الإماراتيّة «مبادلة» حصّة قيمتها 5 في المئة من الشركة الإيطاليّة «FERRARI»، وفي العام الماضي، باعت شركة «ASTON MARTIN» الإنكليزيّة نصف أصولها لشركة الاستثمارات الكويتيّة «دار».
فالتقلّبات في أداء بعض شركات السيّارات في العالم تدفع أكثر نحو عمليّات الاستحواذ، أو نحو التملّك، من أجل زيادة التركّز، أو على العكس، تنويع مصادر التمويل في الشركات الكبيرة. ومن الأمثلة على ذلك، استحواذ شركة «TATA» الهنديّة في صفقة قيمتها 2.3 مليار دولار، أبرمت في حزيران الماضي، على شركتي «JAGUAR» و«LAND ROVER»، التي كانت تمتلكهما شركة «FORD»، المنافس الثاني لـ«GENERAL MOTORS» في السوق الأميركيّة، بعد الشركة اليابانيّة «TOYOTA».
وقد يكون المستثمرون الخليجيّون الخيار الأفضل للشركة الأميركيّة المتعثّرة. فمنطقتهم الغنيّة بالنفط، عدّت في الفترة السابقة، «السوق السخيّة»، حيث بلغت مبيعات «HUMMER» مستويات مرتفعة، فيما الطلب في الولايات المتّحدة شهد تراجعاً بنسبة فاقت الـ50 في المئة في الأشهر الماضية.
كما يبدو أنّ للخيارات الجذريّة المتعلّقة بالبيع من أجل السيولة، منطقاً وخصوصاً في ظلّ التوقّعات السوداويّة. فقد نقلت صحيفة «WALL STREET JOURNAL» عن تقرير أصدرته مؤسّسة «JD POWER» أنّ مبيعات شركات صناعة السيّارات الأميركيّة في سوق الولايات المتّحدة، ستنخفض بحدّة مع نهاية الشهر الجاري، على الرغم من أنّ المبيعات الإجماليّة في هذا القطاع ستتحسّن قليلاً مقارنة بتمّوز الماضي.
... قد تكون خطّة إعادة الهيكلة التي تعتمدها «GENERAL MOTORS» مفيدة لتأمين السيولة، ولكن إبقاء إنتاج السيّارات الضخمة (الدفع الرباعي والشاحنات) قائماً، لا يتناسب مع أسعار خياليّة للوقود الأحفوري. فعندما انتقل إنتاج «HUMMER» ليخدم الحاجات المدنيّة، كانت أسعار النفط تساوي نصف مستوياتها الحاليّة. لذا يبقى أمام الشركة الأميركيّة خياران: إمّا البيع أو العودة للتخصّص في عمليّات شبيهة بـ«عاصفة الصحراء»، حينها ظهرت القيمة الحقيقيّة لـ«HUMMER»... والخياران يتعلّقان بالخليج العربي!.


قروض VS خسائر

في العام الماضي، سمح الكونغرس الأميركي بإدراج قروض منخفضة الفائدة، قيمتها 25 مليار دولار، في موازنة وزارة الطاقة، من أجل مساعدة شركات السيّارات، ولكن حلفاء الشركات في الجسم السياسي لم يستطيعوا الترويج كفاية من أجل تأمين المبلغ. ويتطلّع صانعو السيّارات هذا العام إلى إقرار المبلغ المطلوب (50 مليار دولار) عندما يجتمع المشرّعون الشهر المقبل. وأبرز المتشوّقين هما شركتا «FORD» و«GENERAL MOTORS»، اللتان بلغت خسائرهما 15.5 مليار دولار و8.7 مليارات دولار في الربع الثاني من العام الجاري.