كما كان متوقعاً، انتُخب بن علي يلديريم، حليف الرئيس رجب طيب أردوغان، رئيساً لـ«حزب العدالة والتنمية» الحاكم، في مؤتمر استثنائي للحزب، عقد أمس، الأمر الذي يعني أنه سيحلّ في الحزب وفي رئاسة الحكومة، بدلاً من أحمد داوود أوغلو الذي استقال أخيراً بعد أسابيع من التوترات مع القائد الفعلي لـ«العدالة والتنمية»، أردوغان.
وأعرب يلديريم في خطابه عن ولائه ووفائه للرئيس التركي الذي وصفه بأنه «رجل الشعب». وكان قد وعد قبيل انتخابه بأن مهمة حكومته ستكون تعديل الدستور ووضع نظام رئاسي بات يشكّل «أولوية لتركيا»، وهو ما يرغب فيه أردوغان المتهم بالميل إلى «الاستبداد». ويأتي ذلك في وقت يظهر فيه أن الرئيس التركي يعمل على استبعاد شخصيات مؤثرة في «العدالة والتنمية»، مثل داوود أوغلو، ومنهم أيضا أحد مؤسسي الحزب الثلاثة، بولنت أرينتش. ووفق ما كتب الصحافي التركي، مصطفى أكيول، في صحيفة «حرييت»، مُنع أرينتش مراراً من إعطاء محاضرات في إحدى الجامعات، «لأن النظام التركي الحالي يريد إسكاته»، كما أسكت عبد الله غول قبله. لذلك، يُعَدّ تولي يلديريم رئاسة الحزب وكأنه يندرج ضمن إطار رسم «خطوط لمرحلة جديدة في تاريخ العدالة والتنمية وفي تاريخ تركيا»، وفق ما كتب المحلل السياسي التركي، عاكف بيكي، في «حرييت». ويضيف بيكي أن خيار يلديريم خيارٌ عقلاني لأنه مقبول في أوساط الحزب، وليس لديه «مشكلة» بأن يوصف بأنه «وكيل» أردوغان.


عملياً، إن ترشيح يلديريم كان قد شكّل «تاريخاً مفصلياً» ضمن مسار تحديد «علاقة أردوغان بحزبه، إذ هي علاقة لم يُعاد تنظيمها بعد توليه رئاسة الجمهورية عام 2014»، وفق بيكي.

بولنت أرينتش

ينتقد أردوغان ومن يفرضون المحظورات
وقد تغير توصيف أردوغان في أدبيات الحزب من «القائد الطبيعي» أو «القائد المؤسس» إلى «قائدنا» أو «مؤسسنا»، وهي صفات استخدمها يلديريم قبيل ترشيحه. من هنا، تشير هذه التغيرات الجديدة أيضاً إلى تغيير في المبادئ التي تأسس عليها «العدالة والتنمية»، ومن ضمنها «الديموقراطية... التي لا تزال بعض الشخصيات، مثل أرينتش، تحملها»، ولذلك أصبح مرفوضاً، وفق أكيول. وقد شرح أرينتش هذا التبدل في عقلية «العدالة والتنمية» في مقال سابق، من أربع صفحات، استنكر فيه أولئك الذين «يفرضون المحظورات ويسكتون الناس» وأولئك الذين «يقولون لي سندمرك إن انتقدتنا»، مذكراً بأن «العدالة والتنمية» تأسس على «محاربة هذه الأفكار»، لكنه للأسف صار يعتمدها. واستخلص أرينتش بأن «تركيا اليوم بحاجة إلى نضال جديد من أجل الحرية».

من ناحية أخرى، يتزامن تولي يلديريم رئاسة الحزب مع إجراء رفع الحصانة عن عدد من النواب الذين يواجهون ملفات قضائية، في إجراء يستهدف خصوصاً «حزب الشعوب الديموقراطي».

ويثير هذا الإجراء انتقادات في الاتحاد الأوروبي، وقد يكون سبباً في إبطاء المفاوضات المتعلقة بملف أزمة المهاجرين مع بروكسل. وأعلنت، أمس، المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، قبيل بدء زيارتها لتركيا، أنها ستثير مسألة تصويت البرلمان التركي برفع الحصانة عن نواب فيه خلال لقائها أردوغان، اليوم.