وصل وزير الدفاع الأميركي، جيم ماتيس، إلى أفغانستان اليوم، في زيارةٍ مفاجئة، جاءت من ضمن المساعي المتزايدة لإجراء محادثات تضع حدّاً للحرب المستمرة في أفغانستان منذ أكثر من 16 عاماً.ولم يُسمح للمراسلين، الذين رافقوا ماتيس، بنشر معلومات عن الرحلة قبل الوصول إلى مقرّ التحالف العسكري الأميركي في كابول، بسبب «مخاوف أمنية كبيرة».
وقد جاءت الزيارة بعد عرض الرئيس الأفغاني أشرف غني، الشهر الماضي، إمكانية إجراء محادثات مع «طالبان»، ويبدو أنها تأتي لتسرّع بدء هذا المسار بين التنظيم المتطرّف والحكومة المدعومة من قبل واشنطن.

انتصار سياسي
فور وصوله إلى كابول، قال ماتيس الذي سيلتقي بغني وبكبير القادة العسكريين الأميركيين في أفغانستان، إنه بات بالإمكان «أن نتطلع نحو الانتصار في أفغانستان». وأوضح أنه «ليس انتصاراً عسكرياً، بل سيكون مصالحة سياسية مع «طالبان» التي أظهرت اهتماماً بالاستسلام للحكومة الأفغانية». وقال ماتيس إن الوصول إلى جعل «طالبان» تتصالح بشكل جماعي، هو «أمر بعيد المنال»، لذلك ينصب التركيز حالياً على جذب عناصر التنظيم بشكل تدريجي.
في زيارته الثانية إلى كابول، منذ إعلان الرئيس دونالد ترامب تبنّي استراتيجية جديدة في أفغانستان، قال ماتيس إن المؤشرات إلى «اهتمام طالبان بالمصالحة» بدأت قبل أشهر عدة، أي قبل التصريحات الأخيرة لرئيس البلاد، أشرف عبد الغني.
ورداً على سؤال عمّا إذا كانت الولايات المتحدة مستعدة للحديث مباشرة مع «طالبان»، أكد ماتيس موقف بلاده المتمثل بضرورة أن تقود كابول المحادثات، قائلاً: «نريد أن يقود الأفغان الأمر، وأن يكونوا في لبّ جهود المصالحة».
ماتيس قال إن هدف الولايات المتحدة هو السماح للقوات الأفغانية إضعاف «طالبان»، الى درجة يمكن عندها للأفغان إدارة أمنهم الخاص.

استراتيجية ترامب
في آب الماضي، أعلن ترامب عن استراتيجية جديدة تجاه أفغانستان، قائمة على إرسال المزيد من القوات الأميركية. وفي هذا الإطار، أرسلت واشنطن في الأسابيع الماضية قوة عسكرية يرافقها مئات من مجموعات الدعم، «لتقديم استشارات للأفغان في الخطوط الأمامية»، بالإضافة إلى تكثيف ضرباتها الجوية ضد مقار «طالبان». هذه الخطوة أوصلت عدد القوات الأميركية في أفغانستان من 3500 إلى 14000 عسكري.
لكن مقاتلي «طالبان» ما زالوا يسيطرون على مساحات كبيرة من البلاد، بينما تعاني الحكومة الأفغانية نفسها انقساماً شديداً ويسقط آلاف الجنود والمدنيين الأفغان قتلى سنوياً.
في سياق متصل، من المقرّر أن تستضيف أوزبكستان مؤتمراً لـ«السلام في أفغانستان»، الشهر الحالي، ومن المتوقع أن يدعو المشاركون إلى محادثات مباشرة بين «طالبان» وحكومة غني.
لكن يبدو أن «طالبان» لن تشارك في هذا المؤتمر، بسبب رفضها الحوار مع الحكومة التي تعدّها غير شرعية.
وفي شباط الماضي، عرض أشرف غني إجراء محادثات «من دون شروط مسبقة» مع «طالبان»، وهي دعوة عدّها مسؤولون أميركيون «مبادرة كبرى من جانب كابول».