انتخب مجلس النواب الألماني، اليوم، مجدّداً المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لولاية رابعة، على رأس أكبر اقتصاد في أوروبا، تبدؤها من موقع صعب بعد المأزق الذي استمر ستة أشهر بعد الانتخابات لتأمين غالبية.وصوّت 364 نائباً لصالح انتخاب ميركل من أصل 688 ــ أي أكثر بتسعة أصوات من الغالبية المطلوبة ــ لكن أقل بـ35 من غالبيتها النظرية من 399 نائباً من المحافظين والاشتراكيين الديموقراطيين.
وامتنع تسعة نواب عن التصويت لميركل، التي سيكلّفها الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير لاحقاً رسمياً تشكيل الحكومة، قبل أن تؤدي اليمين. من جهتها، قالت ميركل: «أقبل التصويت»، وقامت بتحية النواب في المجلس، الذين صفّقوا لها بحرارة بحضور زوجها يواكيم ساور ووالدتها هيرلند كاسنر (89 عاماً).
تُنهي هذه المراسم عملية سعي طويلة لتشكيل غالبية، وكانت تلك أسوأ أزمة تشهدها ميركل في مسيرتها السياسية المستمرّة منذ 12 عاماً. لكن في نهاية المطاف، أفضت المفاوضات إلى عودة التحالف المنتهية ولايته، والمكروه بين المحافظين (الاتحاد الديموقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي) والاشتراكيين الديموقراطيين، إلى السلطة، وذلك بينما لم يسبق أن احتاجت ألمانيا إلى هذا الوقت الطويل لتشكيل حكومة.
ميركل ستقود بلداً هزّه الانتعاش التاريخي لليمين القومي، ممثلاً بحزب «البديل من أجل ألمانيا»، الذي أصبح بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة أوّل حزب معارض في البلاد يمثّله 92 نائباً.
ونجح هذا الحزب في الاستفادة من الذين خاب أملهم من المواقف الوسطية لميركل، والذين شعروا بالاستياء من القرار الذي اتخذته في عام 2015 لاستقبال مئات الآلاف من طالبي اللجوء في ألمانيا.

الولاية الأخيرة؟
يرى مراقبون أن هذه ستكون الولاية الأخيرة لميركل (63 عاماً)، ويذهب بعض هؤلاء إلى التكهن بانتهاء ولايتها قبل الأوان، بعد المعارضة التي واجهتها داخل حزبها المحافظ. أما الحزب الاشتراكي الديموقراطي، فقد قرّر إجراء مراجعة مرحلية لأداء التحالف خلال 18 شهراً. في هذا السياق، قال أحد المقرّبين من ميركل: «من الممكن جداً ألا يصمد هذا التحالف أربع سنوات».
من جهة أخرى، اعترف وزير المال المعيّن أولاف شولتز، الذي يعدّ من أهم شخصيات الحزب الاشتراكي الديموقراطي، بأن هذه الحكومة لم تكن ثمرة «زواج عاطفي». لكنه وعد بأن الحلفاء هم في «موقع العمل معاً، والحكم بشكل مناسب».

تعويل أوروبي
من ناحية أخرى، تأمل أوروبا أن تبدأ أكبر قوة اقتصادية فيها العمل بسرعة. ويفترض أن تقوم ميركل، في الواقع، بطمأنة شركائها بشأن قدرتها على التحرّك، بينما يهزّ «بريكست» وانطواء بعض الدول الأعضاء على نفسها، والشعبية المتزايدة للأحزاب المناهضة للنظام القائم، الاتحاد الأوروبي.
بناء على ما تقدّم، يحتلّ إصلاح الاتحاد الأوروبي أولوية في برنامج عمل الحكومة الألمانية؛ وقد وعدت ميركل، التي يقف في وجهها وزير الخارجية الاشتراكي الديموقراطي هايكو ماس، بالإسراع في أن تعيد لألمانيا «صوتها القوي» في أوروبا.
لذا، تزور المستشارة الألمانية باريس، في الأيام المقبلة، لإجراء محادثات مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بشأن اقتراحاته لإصلاح الاتحاد الأوروبي، وخصوصاً إقرار ميزانية لمنطقة اليورو، الأمر الذي تنظر إليه برلين بفتور.