ماذا يمكن أن يعمل المرء بعدما كان مستشاراً للأمن القومي؟ الإجابة لن تخطر على بال أحد ولكنها قد تكون بكل بساطة: عضواً في مجلس إدارة «نيتفلكس». نعم! بحسب ما أعلنته خدمة البث التلفزيوني عبر الإنترنت، اليوم، وافقت المستشارة السابقة للبيت الأبيض لشؤون الأمن القومي وسفيرة الولايات المتحدة السابقة لدى الأمم المتحدة، سوزان رايس، على الانضمام إلى مجلس إدارة الشركة، في إعلان سرعان ما أثار استغراباً من المتابعين في الخارج، فضلاً عن استياء في الداخل الأميركي.
لماذا رايس؟
على حدّ تعبير الشريك المؤسس ورئيس مجلس إدارة «نيتفلكس»، ريد هاستينغز، فإن رايس «واجهت الصعاب وقضايا دولية معقّدة، على مدى عقود، بذكاء ونزاهة وبصيرة». هاستينغر رحّب بِرايس، مشيراً إلى أن «نيتفلكس» تتطلّع إلى «الإفادة من خبرتها وحكمتها». ليس من الواضح كيف يمكن لخدمة بث تلفزيوني أن تستفيد من خبرة مسؤولة سياسية أميركية لعبت دوراً بارزاً على مستوى السياسة الخارجية، ولكن في الحياة التلفزيونية والإعلامية الأميركية، كل شيء ممكن.
يكفي النظر إلى آخر الردود على إحدى المسلسلات المعروضة، لمعرفة أي نوع من البروباغندا تسعى هذه الخدمة للترويج لها. مثلاً، هدّد المستهلكون في البرازيل، أخيراً، بإلغاء «نيتفلكس» #DeleteNetflix، ذلك أنه بث سلسلة خيالية عن الفساد في البرازيل، الأمر الذي أثار انتقادات كثيرة ــ بما فيها من قبل الرئيسة البرازيلية السابقة ديلما روسيف ــ أكدت أن السلسلة غير دقيقة.

إنها متورّطة!
من المعروف أن الملياردير الأميركي جورج سوروس يعدّ من أبرز المساهمين في «نيتفلكس»، وهو أيضاً من أبرز الداعمين للحزب الديموقراطي، فيما انتقد مراراً إدارة الرئيس الحالي دونالد ترامب، وأكد في آخر انتقاداته أن هذه الإدارة لن تستمر. وفي هذا الإطار، بثّ «نيتفلكس»، أخيراً، وثائقياً من 89 دقيقة عن ولاية أوباما الأخيرة. فضلاً عن ذلك، أشارت شبكة «سي إن إن» إلى أن رايس تتبع خطوات مديرها السابق، ذلك أن أوباما يناقش إقامة شراكة إنتاج مع «نيتفلكس»، بحسب ما أشار أحد المصادر. وإذا ما جرت الأمور على ما يرام، فإن الرئيس السابق وزوجته ميشال، سيكونان من المنتجين لسلسلة من البرامج المعروضة على «نيتفلكس».
من هذا المنطلق، هاجم أخيراً أعضاء الكونغرس الجمهوريون رايس، ولكن هؤلاء لم يربطوا الموضوع بالتفاصيل السياسية والاختلافات بين الحزبين الجمهوري والديموقراطي، بل بـ «تقليلها من خطورة الهجوم الذي شنّه مسلّحون على قنصلية واشنطن في مدينة بنغازي»، وذهب ضحيّته السفير الأميركي، كريس ستيفنز، وثلاثة أميركيين ماتوا اختناقاً جراء الحريق الذي نشب في مبنى القنصلية. كذلك، كانت رايس قد واجهت انتقادات لكشفها أسماء شركاء لترامب وردت في تقارير للاستخبارات في السنوات الأخيرة.
بناء عليه، كتبت المتحدثة باسم الجمعية الوطنية للأسلحة النارية دانا لوش على موقع «تويتر»، أن «نيتفلكس» هي «المكان الأمثل لمسؤولة سابقة اختصرت هجوماً إرهابياً بفيلم قصير رديء». أما رئيس المؤسسة المحافظة «جوديشال ووتش»، فرأى أن «نيتفلكس» تعزّز «دعمها للمتورطة في الفساد في عهد أوباما سوزان رايس».
من هنا، هدّد جمهوريّون ومشتركون، عبر «تويتر»، بإلغاء مشاركتهم بـ«نيتفلكس»، مشيرين إلى أن أوباما شخصياً يُجري مفاوضات مع إدارتها من أجل عقد إنتاج.




من هي سوزان رايس؟
عملت رايس بين عامي 2013 و2017 مستشارةً للأمن القومي، حيث كانت تقدم تقاريرها الأمنية يومياً إلى الرئيس السابق باراك أوباما. كانت مسؤولة عن السياستين الخارجية والقومية إضافة إلى الوكالات الاستخبارية والجهود العسكرية في السنوات التي تلت الهجوم الذي وقع عام 2012 على القنصلية الأميركية في بنغازي. من أشدّ الداعمين لأكبر صفقة أسلحة أميركية لإسرائيل تمّت في تاريخ العلاقة بين الدولتين. هي حالياً أستاذة زائرة في جامعة «هارفرد».

THE FINAL YEAR – Official Trailer from California Film Institute on Vimeo.