وقّعت 300 شخصية في فرنسا بياناً ضد ما سمّته «معاداة السامية الجديدة» التي يغلب عليها «التطرف الاسلامي»، مُديناً «الصمت الإعلامي» إزاء هذه الظاهرة. ومن غير المعلوم سبب توقيت البيان الذي نشرته صحيفة «لو باريزيان» الفرنسية صباح اليوم، خصوصاً أنه يذكر أحداثاً تعود إلى أكثر من عقدٍ من الزمن.من بين الشخصيات التي وقّعت على البيان، الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي، وزعيم اليمين لوران فوكييه، ورئيس الوزراء الاشتراكي الأسبق مانويل فالس، إلى جانب رئيس بلدية باريس الاشتراكي السابق برتران دولانو. بالإضافة إلى السياسيين الفرنسيين من اليمين واليسار، كان لافتاً توقيع فنانين معروفين بميولٍ سياسية مختلفة، مثل شارل ازنافور والممثل جيرار دوبارديو، ومثقفين ومسؤولين دينيين يهود ومسلمين وكاثوليك.

تطهير عرقي بلا ضجيج
طالب البيان الذي وقّعت عليه شخصيات سياسية يمينية ويسارية بـ«أن تصبح مكافحة هذا الإخفاق الديموقراطي الذي تمثله معاداة السامية قضية وطنية قبل فوات الأوان، وقبل ألا تعود فرنسا، فرنسا».
وأضافوا أن «إرهاب» معاداة السامية التي وصفوها بـ«القاتلة» ينتشر، مثيراً في الوقت نفسه الإدانة الشعبية وصمتاً إعلامياً «أسهمت المسيرة الاخيرة في قطعه»، في إشارة إلى «المسيرة البيضاء» التي شارك فيها آلاف الأشخاص ضد «معاداة اليهود»، بعد مقتل السيدة الثمانينية ميراي نول، والذي ثبتّت نيابة باريس طابعه «المعادي للسامية». وقال البيان إن «الفرنسيين اليهود معرّضون لخطر مهاجمتهم أكثر بـ25 مرة من مواطنيهم المسلمين».
كذلك، تابع موقّعو البيان أن «عشرة في المئة من مواطني منطقة إيل دو فرانس اليهود ــ أي حوالى خمسين ألف شخص ــ اضطروا إلى الانتقال (إلى مناطق أخرى) لأنهم لم يعودوا في أمان في بعض الاحياء، ولأن أولادهم لم يعودوا قادرين على الذهاب إلى مدرسة الجمهورية»، معتبرين ذلك «تطهيراً عرقياً بلا ضجيج».


هدف لثلث أعمال الكراهية
أشار البيان إلى مقتل أحد عشر يهودياً في تاريخ فرنسا الحديث «على أيدي إسلاميين متطرفين». وقد شهدت فرنسا خلال العقد الماضي جرائم عدة راح ضحيتها عدد من المواطنين اليهود، بدءاً بمقتل الشاب إيلان حليمي في 2006 والهجوم على مدرسة يهودية في تولوز جنوبي البلاد عام 2012 والاعتداء على محل لبيع الأطعمة اليهودية في باريس في 2015، وصولاً إلى قتل سارة حليمي في باريس في 2017، كما عثر على ميراي نول في 23 آذار الماضي مقتولة بطعنات سكين وجثتها متفحمة جزئياً، في شقتها. ورغم أن أرقام وزارة الداخلية تفيد بأنّ الاعمال المعادية لليهود تراجعت بنسبة 7 في المئة عام 2017 للسنة الثالثة على التوالي، سُجّلت زيادة 26 في المئة في أعمال عنف وحرائق وإهانات ومحاولات قتل (ضد يهود).
ويشكل اليهود حوالى 0,7 في المئة من سكان فرنسا. وكانت اللجنة الوطنية الاستشارية لحقوق الانسان قد أشارت في تقريرها الأخير إلى «استمرار الاحكام المسبقة المعادية للسامية التقليدية التي تربط اليهود بالمال والسلطة».


تأثير «إسلام راديكالي»
وأشار البيان إلى أن «التطرف الاسلامي ــ ومعاداة السامية التي ينشرها ــ يعتبر من قبل جزء من النخب الفرنسية حصراً تعبيراً عن تمرد اجتماعي».
كذلك اعتبر الموقّعون أنه إضافةً «الى معاداة السامية القديمة لليمين المتطرف»، هناك «معاداة السامية لجزء من اليسار الراديكالي الذي وجد في معاداة الصهيونية ذريعة لتحويل قتلة اليهود إلى ضحايا للمجتمع».
ورأى الموقّعون أنّ «معاداة السامية الجديدة» تنتشر في الأحياء الشعبية «تحت تأثير إسلام مرتبط بالهوية وراديكالي».
لذلك طلبوا أن «تعلن السلطات الدينية أن آيات القرآن التي تدعو إلى قتل ومعاقبة اليهود والمسيحيين وغير المؤمنين باطلة، كما حدث في عدم التجانس في الكتاب المقدس ومعاداة السامية الكاثوليكية التي ألغاها (مجلس) الفاتيكان الثاني، حتى لا يتمكن أيّ مؤمن من الاعتماد على نص مقدس لارتكاب جريمة».


حوار حقيقي
تعليقاً على هذا البيان، قال رئيس مجمع الأئمة في فرنسا، حسن شلغومي، إن هذا النص يجب أن يكون مفتاحاً لحوارٍ حقيقي. وفي حديثٍ صباح اليوم إلى إذاعة «RTL» الفرنسية، رأى شلغومي أن معاداة السامية «حاضرة لدى جزء من المسلمين المؤمنين»، وبعد تعداد محمد مراح والأخوين كواشي وغيرهم من الإسلاميين الذين ارتكبوا جرائم في فرنسا خلال الأعوام الماضية، يخلص رجل الدين إلى أنه يجب جعل هذه القضية «قضية وطنية بالتزامن مع العمل مع المناطق والبلديات والنواب (لحلّها)».