تصاعدت الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، اليوم، مع دخول رسوم جمركية أميركية جديدة حيّز التنفيذ على بضائع صينية مستوردة، يُتوقع أن ترد عليها الصين بإجراءٍ مماثل يستهدف بضائع أميركية، ما يزيد المخاطر على النمو العالمي. وخلافاً لتحذيرات العديد من الخبراء الاقتصاديين والشركات، فرضت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، اعتباراً من الساعة الساعة 00:01 من فجر اليوم (4:01 بتوقيت غرينيتش)، رسوماً جمركية مشددة بنسبة 10% على ما قيمته 200 مليار دولار من المنتجات الصينية.
ومن المتوقع أن ترد بكين على الفور بتطبيق رسوم جمركية بنسبة 5 أو 10% على واردات سنوية من المنتجات الأميركية بقيمة 60 مليار دولار.

بكين: «أميركا أولاً» سعّر الخلافات
صباح اليوم، أكدت الصين، في وثيقة تتناول التوتر الاقتصادي والتجاري الحالي، أن الولايات المتحدة «وجّهت سلسلة من الاتهامات الكاذبة، واستخدمت زيادة الرسوم الجمركية وغيرها من تدابير الترهيب الاقتصادي، لفرض مصالحها الخاصة على الصين من خلال ممارسة ضغوط قصوى».
وتلقي الوثيقة باللوم على سياسة ترامب «أميركا أولاً» في نسف سنوات من الجهود المبذولة لإحراز تقدم في تسوية الخلافات من خلال منتديات ومبادلات ثنائية. وجاء في الوثيقة: «منذ تولي الإدارة الأميركية الجديدة مهامها في 2017، تحت شعار «أميركا أولاً»، تخلت الولايات المتحدة عن المعايير الأساسية للمبادلات الدولية مثل الاحترام المتبادل والتشاور بشكلٍ متساوس، وفرضت الأحادية والحمائية والهيمنة الاقتصادية».
ويأتي ذلك غداة تصريح أدلى به وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، لشبكة «فوكس نيوز»، قال فيه إن «الحرب التجارية التي تخوضها الصين ضد الولايات المتحدة مستمرة منذ سنوات». ورأى أن بلاده ستحقق «نتيجة ترغم الصين على التصرف بالشكل الذي نتوقعه من قوة، قوة عالمية»، بما يضمن «الشفافية ودولة القانون. لا يمكن سرقة الملكية الفكرية».

الحرب التجارية ضربت بمعولها مجدداً، اليوم، لتنال من أسواق الأسهم الأوروبية (أ ف ب )

الحرب تنال من أسهم أوروبا
مع بدء سريان الرسوم الجمركية الجديدة، يبدو أن الحرب التجارية الأميركية الصينية ضربت بمعولها مجدداً، اليوم، لتنال من أسواق الأسهم الأوروبية. ونزل المؤشر «ستوكس 600» الأوروبي 0.1 بالمئة وهبط المؤشر «داكس» الألماني، الحساس لتطورات التجارة، 0.3 بالمئة. وتواصلت خسائر قطاعي السيارات والتعدين، وهما من القطاعات الأكثر اعتماداً على سلاسة التجارة العالمية، ليفقدا 0.8 و0.9 بالمئة. ووفق ما ذكرت وكالة «رويترز»، انخفض كذلك المؤشر الرئيسي لأسهم منطقة اليورو 0.3 بالمئة، ليقطع أطول موجة مكاسب له منذ 1997.

تعطيل نمو الاقتصاد العالمي؟
يحذر اقتصاديون من أن أي نزاع مطول سيعطل في نهاية الأمر النمو ليس فقط في الولايات المتحدة والصين، وإنما عبر الاقتصاد العالمي الأوسع. وما يزيد من تعقيدات الوضع أن الحوار يبدو مقطوعاً بين الطرفين، خصوصاً بعدما ألغت بكين زيارة مقررة لوفد من المفاوضين الصينيين في 27 و28 أيلول/سبتمبر إلى واشنطن، وفق ما أوردت صحيفة «وول ستريت جورنال».
في هذا الإطار، رأى رئيس قسم الاقتصاد في وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني، يوم الجمعة، أن «الحرب التجارية باتت واقعاً»، وأن «سياسات الولايات المتحدة التجارية الحمائية بلغت نقطة باتت فيها تؤثر فعلياً على آفاق نمو عالمي لا تزال قوية». وقد خفضت الوكالة توقعاتها للنمو في الصين إلى 6,1% هذه السنة، بتراجع 0,2 نقطة مئوية عن توقعات حزيران/يونيو الماضي، فيما باتت تتوقع نمواً عالمياً بنسبة 3,1% عام 2019 بتراجع 0,1 نقطة مئوية. ولفتت «فيتش» إلى أن النمو الاقتصادي في العالم أصبح «أقل توازناً وأقل تناغماً». وما يزيد من المخاطر على التوسع الاقتصادي دخول ترامب في نزاع تجاري مع كل الشركاء الرئيسيين للولايات المتحدة.
وتفرض واشنطن منذ آذار/مارس الماضي رسوماً جمركية مشددة على واردات الصلب والألمنيوم بنسبة 25% و10% على التوالي، مبررةً هذا الإجراء بدواعي «الأمن القومي».
ويطالب ترامب منذ أشهر الصين بوضع حد لممارسات تجارية يصفها بأنها غير نزيهة، وينتقد بصورة خاصة إرغام الشركات الأميركية الراغبة في الدخول إلى السوق الصينية على تقاسم مهاراتها التقنية مع شركاء محليين، متهماً الصين بـ«سرقة» الملكية الفكرية.