دخلت الحزمة الثانية من العقوبات الأميركيّة ضدّ إيران حيّز التنفيذ، اليوم؛ وفيما توعّدت واشنطن بـ«المزيد»، أكّدت الجمهورية الإسلامية أنّها ستلتفّ بفخر على العقوبات، مشيرةً إلى «حرب اقتصادية» تستهدف الشعب الإيراني. الحزمة الثانية من العقوبات تأتي قبل يوم على إدلاء الأميركيين بأصواتهم في انتخابات التجديد النصفي المرتقبة يوم غدٍ والتي تعدّ حاسمة بالنسبة إلى الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الذي رأى من تشاتانوغا بولاية تنيسّي، أنّ سياسة «أقصى الضغوط» على طهران تؤتي ثمارها، معتبراً أنّ إيران «بلد مختلف كثيراً عمّا كان عليه عندما تولّيت منصبي... كانوا يريدون السيطرة على الشرق الأوسط. والآن يريدون فقط البقاء».
عرّاب العقوبات المشدّدة، مستشار الأمن القومي الأميركي، جون بولتون، أعلن أنّ بلاده ستفرض المزيد من العقوبات على الجمهورية الإسلامية. وفي مقابلة مع شبكة «فوكس بزنس»، قال بولتون إنّ واشنطن «ستفرض عقوبات تتجاوز هذا. لن نرضى ببساطة بمستوى العقوبات التي كانت موجودة في عهد (الرئيس السابق باراك) أوباما في 2015».
في هذه الأثناء، تعهّد وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، بمواصلة واشنطن الضغط على إيران «بلا هوادة» حتى تغير سلوكها «المزعزع للاستقرار» في المنطقة، معرباً عن أمله بإمكانية إبرام اتفاق جديد وفق شروط الإدارة الأميركية مع طهران، بعدما انسحب ترامب من الاتفاق الدولي حول برنامج إيران النووي، والموقّع عام 2015. وقال بومبيو في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين: «نأمل أن يكون إبرام اتفاق جديد مع إيران أمراً ممكناً»، مشيراً إلى أن حزمة العقوبات الأميركية «ستسرع وتيرة تراجع النشاط الاقتصادي الدولي».
واستهدفت العقوبات الأميركية، بحسب بومبيو، أكثر من 700 فرد وكيان وطائرة وسفينة إيرانية، كما استهدفت 50 مصرفاً إيرانياً وكيانات تابعة لها، مع إعفاء ثماني دول لمدة ستة أشهر، هي: الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية وإيطاليا وتركيا اليونان وتايوان، من الالتزام بالعقوبات التي فرضتها على قطاع النفط الإيراني.
وقال منوتشين: «فرض الخزانة ضغوطاً مالية غير مسبوقة على إيران ينبغي أن يوضح للنظام الإيراني أنه سيواجه عزلة مالية متزايدة وركوداً اقتصادياً حتى يغير أنشطته المزعزعة للاستقرار بشكل جذري». وأضاف: «إذا حاولوا الالتفاف على عقوباتنا، سنواصل اتّخاذ مزيد من الإجراءات لوقف نشاطهم. إن الضغط الأقصى الذي تمارسه الولايات المتحدة سيزداد اعتباراً من الآن، على الشركات في مختلف أنحاء العالم أن تفهم أنّنا سنطبّق العقوبات في شكل صارم».

«حرب اقتصادية»
(أ ف ب )

أعلن الرئيس الإيراني، حسن روحاني، في خطاب مُتلفز: «(أننا) سنلتفّ بفخر على عقوباتكم غير المشروعة والظالمة لأنّها تخالف القوانين الدولية»، مؤكداً: «نحن في وضع حرب اقتصادية ونواجه قوة متغطرسة. لا أعتقد أنّه في تاريخ أميركا دخل شخص إلى البيت الأبيض وهو يخالف إلى هذا الحدّ القانون والاتفاقيات الدولية». وقال: «هذه حرب اقتصادية على إيران... لكن على أميركا أن تعلم أنّها لا تستطيع استخدام لغة القوة ضدّ إيران... نحن على استعداد لمقاومة أي ضغط».
روحاني أشار إلى أن الولايات المتحدة «تواصل توجيه تلك الرسائل إلينا ويطلبون الجلوس للتفاوض. التفاوض من أجل ماذا؟»، مضيفاً: «عليكم أولاً الالتزام بالمفاوضات التي أُنجزت، لكي يكون هناك أسس للمفاوضات المقبلة». وكشف أنّ أربع دول عرضت عليه، خلال زيارته نيويورك للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/ سبتمبر، التوسّط مع الولايات المتحدة، لكنّه رفض ذلك. وأوضح: «لا حاجة للوساطة، ولا حاجة لكل هذه الرسائل. التزموا بتعهداتكم وسنجلس ونتحاور».
وقال روحاني: «اليوم يستهدف العدو (الولايات المتحدة) الاقتصاد... الهدف الأساسي للعقوبات هو شعبنا».
وقال وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، إنّ «الاستبداد الأميركي سيأتي بردّ فعل عكسي، ليس فقط بسبب أهمية الاتفاق النووي، ولكن لأن العالم لن يسمح لترامب وشركائه بتدمير النظام العالمي». وكتب عبر «تويتر»: «تنمّر أميركا يرتدّ عليها.. أميركا وليست إيران هي المعزولة».


القوى الأوروبية التي لا تزال تدعم الاتفاق النووي، أكدت أنّها تعارض إعادة فرض العقوبات، بينما أعربت الصين، وهي مشترٍ كبير للنفط، عن أسفها لهذا التحرك.
وأسف الاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وبريطانيا، في بيان مشترك، لقرار الولايات المتحدة، فيما أكدوا سعيهم لحماية الشركات الأوروبية التي لها معاملات تجارية مشروعة مع إيران.
وقال الناطق باسم رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، «لا نزال مقتنعين بأنّ الاتفاق النووي الإيراني يجعل العالم أكثر أماناً. وما دامت إيران تنفّذ التزاماتها بموجب الاتفاق فسوف تلتزم بريطانيا به كذلك».
واليوم، أكّدت وزارة الخارجية الروسية أن موسكو «ستفعل كل ما هو ضروري للحفاظ على التعاون الدولي والاقتصادي والمالي مع إيران وتوسيعه رغم العقوبات الأميركية».

نتنياهو: إنّه يومٌ تاريخي
ويأتي الدعم الوحيد لخطوة الولايات المتحدة، من المملكة العربية السعودية وإسرائيل. إذ أشاد رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ببدء فرض الرزمة الثانية من العقوبات الأميركية على إيران، معتبراً أمام نواب «الليكود» أنّ «اليوم هو يوم تاريخي، إنّه اليوم الذي فرضت فيه الولايات المتحدة بقيادة الرئيس (دونالد ترامب) عقوبات شديدة جداً على ايران، عقوبات هي الأقسى التي تفرض على إيران منذ بدء الجهود لوقف عدوانها». وأضاف إنّ «الرزمة الثانية من العقوبات، وخصوصاً العقوبات المفروضة على نظام المقاصة المصرفي الذي يستخدمه النظام الإيراني، ستوجّه ضربة قاسية للنظام الإيراني الإرهابي، إضافة إلى أنها ستخنق الإرهاب الإيراني».
وكان وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، قد اعتبر أنّ إعادة فرض العقوبات توجّه ضربة «حاسمة» لأنشطة إيران في المنطقة. وقال، في بيان، إن «قرار ترامب الجريء هو التغيير الجوهري الذي كان ينتظره الشرق الأوسط». وتابع: «بخطوة واحدة وجّهت الولايات المتحدة ضربة حاسمة لترسّخ إيران في سوريا ولبنان وغزة والعراق واليمن»، متوجهاً بالشكر إلى الرئيس الأميركي.

«سويفت» يمنع الوصول إلى مصارف إيرانية
أعلن المزوّد الدولي لخدمات التراسل المالي المؤمن (سويفت) قراره «تعليق» وصول بعض المصارف الإيرانية إلى شبكته. يأتي ذلك بعدما دعا وزير الخارجية الأميركي «سويفت»، يوم الجمعة الماضي، إلى استبعاد المؤسسات المالية الإيرانية المدرجة في اللائحة الأميركية السوداء، من خدماتها مع استثناء «التعاملات الإنسانية».
وقالت شركة «سويفت»، ومقرها بروكسل، في بيان، «بناءً على مهمّتها في دعم صلابة النظام المالي العالمي ونزاهته، بوصفها تسدي خدمات عالمية ومحايدة، تعلّق سويفت وصول بعض المصارف الإيرانية إلى شبكتها للتراسل». وأضافت إن «هذا الإجراء، رغم أنّه مؤسف، اتُّخذ من أجل مصلحة واستقرار ونزاهة النظام المالي العالمي في مجمله».
وتتيح خدمات «سويفت» ربط أكثر من 11 ألف منظّمة مصرفيّة وبُنى تحتية وشركات متعاملة في أكثر من 200 بلد ومنطقة، بحسب الشركة، موضحةً أنّها «لا تملك رساميل ولا تدير حسابات لحساب زبائن».