مع تواصل الاضطراب السياسي في المملكة المتحدة على خلفية مسوَّدة اتفاق الخروج من «الاتحاد» التي جرى التوصل إليها بعد مفاوضات شاقة، أعطى وزراء الاتحاد الأوروبي الـ27 موافقتهم على المشروع في ختام اجتماع في بروكسل أمس، قبل القمة الاستثنائية التي ستعقد الأحد المقبل للتصديق على النص. وقال وزير النمسا المكلف الشؤون الأوروبية، غيرنوت بلوميل، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد إنه «جرى الانتهاء من الخطوة الأولى الصعبة، لقد نجحنا في الحفاظ على الوحدة». وفيما تستمر حالة عدم الاستقرار السياسي في لندن، تستمر بروكسل بالترقب حيال إقرار الاتفاق من عدمه. وفي هذا السياق، قال وزير الخارجية البلجيكي ديدييه رايندر، إنه «هنا سيُنقَذ الاتفاق. نحن بانتظار الوضع في لندن». من جانبه، دافع كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي بشأن «بريكست» ميشال بارنييه، عمّا جاء على لسان رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، بأن ما جرى التوصل إليه هو «الأفضل». ووصف الاتفاق بأنه «عالمي وعادل ومتوازن». أمّا وزير خارجية لوكسمبورغ جان اسلبورن، فأعلن أنّ «علينا أن نكون واضحين بشأن الاتفاق، وهو الأفضل كما هو حالياً على الطاولة». ولم تنتهِ بعد المفاوضات، وعلى الجانبين الاتفاق على طبيعة العلاقات بينهما بعد «بريكست»، والمرحلة القصوى للفترة الانتقالية بعد 30 آذار/مارس 2019 للاستعداد لـ«هذه العلاقة المستقبلية» التي لا تزال غامضة الملامح.
بدوره، أعلن وزير الأعمال البريطاني غريغ كلارك، أن حكومة بلاده على استعداد لتمديد الفترة الانتقالية التالية لـ«بريكست» حتى نهاية عام 2022، بهدف منح الوقت الكافي للتفاوض على الاتفاق التجاري بين بروكسل ولندن، وتحديد شكل العلاقة المستقبلية بينهما. وكانت ماي قد تحدثت أمام مجلس اتحاد الصناعات البريطاني، أمس، لتؤكد إصرارها على إمرار صفقة «بريكست» في البرلمان. وأكدت أنّ الاتفاق سيُناقَش خلال القمة الأوروبية المقبلة، مشددة على أن «العناصر الرئيسية للصفقة موجودة. تم الاتفاق على كامل اتفاقية الانسحاب، ولا تزال رهن الاتفاق على إطار العلاقة المستقبلية».
وعلقت رئيسة الحكومة على أنباء تمديد الفترة الانتقالية بقولها إن «اتفاقية بريكست تشمل فقرة تسمح بتمديد الفترة الانتقالية بدلاً من اللجوء إلى خطة المساندة»، إلا أنها أكدت أنها ترغب في إنهاء الفترة الانتقالية مع حلول موعد الانتخابات العامة المقبلة في حزيران/ يونيو 2022. وتتجه ماي إلى بروكسل لاحقاً هذا الأسبوع، لبحث التفاصيل الأخيرة المتعلقة بالإعلان السياسي بشأن طبيعة العلاقة المستقبلية المرافقة لاتفاقية الانسحاب، على أمل إقرار الاتفاق كاملاً خلال القمة المقررة يوم الأحد المقبل. ويأتي إعلان كلارك عن استعداد بريطانيا لتمديد الفترة الانتقالية مع اقتراب متمردي حزب «المحافظين» الذي تقوده ماي، من عتبة 48 صوتاً اللازمة للتصويت على حجب الثقة عنها، مع توقعات باكتمال النصاب، إذ إن نحو عشرين نائباً عبّروا أمس عن نيتهم القيام بذلك. وقالت تقارير صحافية بريطانية، إن «معارضي ماي بحاجة لستة خطابات فقط لبلوغ الحد اللازم لإجراء اقتراع على سحب الثقة منها».
يحتاج معارضو ماي لستة خطابات لإجراء اقتراع على سحب الثقة منها


وأوضحت صحيفة «ذا صن» البريطانية، أن 42 نائباً من حزب «المحافظين» قدموا تأكيدات بأنهم سلّموا خطابات بإجراء اقتراع على سحب الثقة، مشيرة إلى أن «25 نائباً أعلنوا أنهم سلموا الخطابات، بينما قال 17 آخرون في أحاديث خاصة إنهم كتبوا خطابات لغراهام برادي (رئيس ما يعرف بلجنة 1922، التي تضمّ نواب حزب المحافظين الذين لا يشغلون مناصب حكومية»). وقال نائب من الحزب: «إنها (ماي) تواجه اليوم الاثنين ما وصفه بيوم الحساب»، مضيفاً خلال حديث مع هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، أن «هذا بالقطع اليوم الذي نقف فيه عند منعطف تاريخي... ينبغي أن يشهد هذا اليوم اللحظة التي... يجري فيها التصرف».
( أ ف ب)