دعا نتنياهو إلى تقليد إسرائيل في «الاستخدام الموزون للقوة»
كذلك، ظهر نتنياهو حريصاً على منح تلك الضغوط دفعة إضافية، باعتبارها الخيار الوحيد المتاح في مواجهة صمود إيران وتصميمها. إذ رأى أن «الأمور الثلاثة التي علينا القيام بها في مواجهة العدوانية الإيرانية، هي الضغط، ثم الضغط، ثم المزيد من الضغط». دعوة تشي بأن نتنياهو يدرك أن البديل من استمرار الضغوط هو التراجع أمام إيران، الذي سيُترجم إلى انتصار استراتيجي تترتب عليه تداعيات تاريخية على مستوى المنطقة. وبهدف الحؤول دون هذه التداعيات، يواصل التشديد على إمكانية تحقيق النتائج المرجوّة لناحية تنازل إيران عن طموحاتها النووية والإقليمية، من خلال استمرار السياسة المتبعة حالياً.
لكن حديث نتنياهو يثير تساؤلات عمّا إذا كان الرجل مقتنعاً فعلاً بما يقول، أو أنه يلجأ إليه لعدم وجود خيار بديل، ولأنه لا يستطيع أن يتبنى خطاباً مغايراً. في هذا الإطار، يبدو أنه بات قلقاً من اقتصار دائرة الضغوط على الولايات المتحدة التي لم تحقق ما كان مأمولاً منها حتى الآن، ومن هنا فهو يراهن ويعمل على توسيع نطاق هذه الدائرة عالمياً، مشدداً على أهمية أن تعلن «أمم العالم إرادتها في كبح العدوانية الإيرانية، والوقوف إلى جانب الولايات المتحدة وإظهار تصميم مشترك» معها.
في المقابل، انطلاقاً من فهم دقيق لما ينطوي عليه الضغط المضاد الذي تمارسه إيران، والنجاح الذي سجلته حتى الآن، دعا نتنياهو إلى ضرورة عدم السماح لها بإرباك نقل النفط عبر المياه الدولية، مشيراً إلى أن «الأمر الأول الذي ينبغي القيام به، زيادة الضغط المفعل على إيران». وتعبيراً عن الخشية من مفاعيل توجيه رسائل ضعف في مواجهة الجمهورية الإسلامية، شدد على أنه «ممنوع إظهار التردد»، وهو ما يشير إلى مخاوف تسكنه جراء الأداء الأميركي والأوروبي في الخليج، لكونه سيؤدي إلى توسيع هامش المبادرة أمام إيران، ويدفعها إلى رفع مستوى الضغوط المضادة في المرحلة اللاحقة.
وفي السياق نفسه، دعا نتنياهو إلى تقليد إسرائيل في ما سمّاه «الاستخدام الموزون للقوة». لكن من غير الواضح، هنا أيضاً، ما إذا كان نتنياهو فعلاً مقتنعاً بدعوته تلك، أو أنه يتجاهل الفروقات الجوهرية بين نتائج ما يقوم به من اعتداءات على الساحة السورية، وردود الفعل المرجحة من قِبَل إيران في مواجهة تجاوز ما تعتبره خطوطاً حمراء، وأبرز المصاديق المدوية لذلك إسقاط طائرة التجسس الأميركية، والرد على حجز ناقلتها بالسيطرة على ناقلة نفط بريطانية في مضيق هرمز.