في هذا الوقت، دعت عدّة تنظيمات ووجوه معارِضة للحكومة الإيرانية، الاثنين، إلى النزول في تظاهرات أمام مبنى البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ (فرنسا)، بهدف تحفيز النواب على وضع «الحرس» ضمن قائمة التكتُّل للمنظّمات الإرهابية. وشاركت رئيسة البرلمان الأوروبي، روبرتا ميتسولا، في ذلك التجمُّع، مثنيةً عليه، ومؤكدة دعمها لمطلب المتظاهرين، وتوجّهت إلى الحضور، قائلة: «أنتم تقفون على الجانب الصحيح من التاريخ». ومن شأن وصْم «الحرس» بالإرهاب، إذا حصل، أن يمنع وصول أعضائه إلى أرصدتهم المالية في جميع الدول الأعضاء في الاتحاد، كما سيتمّ تقييد زياراتهم لهذه الدول وتنقلاتهم فيها، فيما سيُمنع الأشخاص والمنظّمات الموجودون في دول التكتل من تقديم الدعم أو المساعدة المالية للأشخاص المدرجين على اللائحة، وسيواجه مَن ينتهكون تلك الإجراءات خطر العقوبات.
مع اندلاع الاحتجاجات المناهضة للحكومة الإيرانية، اشتدّت الأزمة في العلاقات بين الجمهورية الإسلامية والغرب
ويُحتمل، في هذا الإطار، أن يصوّت البرلمان الأوروبي، الخميس المقبل، على قرار غير ملزم، سیحوّله إلی الوزراء الأوروبيين. ويمكن إدراج اسم «الحرس» في «القائمة السوداء» - وهو احتمال كبير على ما يبدو - أن يزيد بشكل غير مسبوق، من حدّة التوترات القائمة أصلاً في العلاقات بين إيران والاتحاد الأوروبي. ويذكّر التقهقر الأخير في العلاقات بين الطرَفين بأحداث عقد التسعينيات، حين كان الأوروبيون بصدد اتهام إيران بالضلوع في اغتيال قادة المجموعات الكردية - الإيرانية المعارضة في ألمانيا، إذ سحبت 13 دولة أوروبية آنذاك سفراءها من طهران وقطعت علاقاتها الدبلوماسية معها، لكن العلاقات بينهما تحسّنت لاحقاً، متأثّرة بالأجواء التي أحدثها تسلُّم محمد خاتمي الرئاسة في الجمهورية الإسلامية.
ومنذ أيلول الماضي، ومع اندلاع الاحتجاجات المناهضة للحكومة في إيران عقب وفاة الشابة مهسا أميني في أحد مراكز الشرطة في طهران، اشتدّت الأزمة في العلاقات بين إيران والغرب. وقد استضاف العديد من السياسيين والبرلمانيين الأوروبيين، على مدى الأشهر الأخيرة، شخصيات إيرانية معارضة، وهو ما أدّى، بدوره، إلى اتّساع الشرخ بين الجانبين. هكذا، تسبّبت قضيّة حقوق الإنسان إلى جانب الملفّ النووي، وكذلك تعاون إيران وروسيا في الحرب الأوكرانية، بتوسيع الهوّة بين طهران والدول الغربية بشكل غير مسبوق، وصولاً إلى إعلان الاتحاد الأوروبي نيّته إقرار حزمته الرابعة من العقوبات ضدّ إيران بذريعة انتهاك حقوق الإنسان. وعلى مدى الأسابيع الأخيرة، لم يمرّ يوم إلّا واستُدعي فيه سفير أو قائم بأعمال إيراني لدى الدول الأوروبية إلى وزارة خارجية الدولة المستضيفة، أو استُدعي سفير أوروبي في طهران إلى وزارة الخارجية الإيرانية للإدلاء ببعض الإيضاحات. ويبدو أن الغرب يعتمد استراتيجية مضاعفة الضغوط الشاملة على إيران، فيما لا تلوح في الأفق حالياً بوادر لخفض التصعيد. وفي خضمّ ظروف متوتّرة كهذه، فإن الكثير من المراقبين يستبعدون تماماً إحياء الاتفاق النووي، حتى إن البعض يتحدثّون عن «موته».
وفي ظلّ هذه الأجواء، كتبت صحيفة «جوان» القريبة من الحرس الثوري، في تحليل لها، أن «إخفاق الغرب في أعمال الشغب الممنهجة في إيران دفعه، في مسار غير معتاد وفي تعارض مع القانون الدولي، إلى اعتماد استراتيجيات لمحاصرة إيران دبلوماسياً في فترة ما بعد أعمال الشغب». أمّا صحيفة «اعتماد» الإصلاحية، فقد تطرّقت إلى «تحذير من تسونامي في العلاقات بين إيران وأوروبا»، إذ «على الرغم من أن ذريعة إعدام جاسوس مزدوج الجنسية، تحوّلت اليوم إلى قضيّة للسلطات البريطانية لتدلي بدلوها في شأنها، غير أن ثلاثة عوامل رئيسة أسهمت، خلال الأشهر الأخيرة، في التدهور الشديد للعلاقات بين إيران وأوروبا: ردّ فعل نظام الحكم الإيراني على احتجاجات الأشهر الماضية، وتوقّف المحادثات النووية، والزعم بتسليم إيران أسلحة لروسيا».