طهران | بعد ستة أيام من تحطُّم المروحية التي كانت تقلّ الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي، والوفد المرافق له، تستمرّ التكهنات حول سبب الحادث، وما إذا كان «متعمّداً» أو «عرضيّاً». ونشرت هيئة الأركان العامة للقوات المسلّحة، أمس، التقرير الأوّلي للّجنة العليا للتحقيق في سقوط المروحية، والذي خلص إلى أن الأخيرة «لم تتعرّض لأيّ إطلاق نار». وبحسب وكالة «إرنا» الإيرانية الرسمية، فقد كشف التقرير عن ست نتائج، هي:1- استمرت المروحية بالفعل في السير على المسار المخطّط لها، ولم تخرج عنه.
2- قبل حوالى دقيقة ونصف دقيقة من وقوع الحادث، تواصل قائد المروحية التي تعرّضت للسقوط مع المروحيتَين الأخريَين من مجموعة الطيران.
3- عدم ملاحظة آثار رصاص أو حالات مشابهة في باقي مكوّنات الطائرة المحطّمة.
4- اشتعلت النيران في المروحية المنكوبة بعد اصطدامها بالمرتفع.
5- نظراً إلى تعقيد المنطقة والضباب وانخفاض درجات الحرارة، امتدّت عملية الاستطلاع حتى الليل واستمرّت طوال الليل. وفي صباح يوم الإثنين (الساعة 5 صباحاً)، وبمساعدة طائرات من دون طيار (إيرانية)، تمّ تحديد الموقع الدقيق والعثور على مكان الحادث، والذي توجّهت إليه القوات البرية.
6- خلال محادثات برج المراقبة مع طاقم الطائرة، لم يلاحَظ أيّ حالات مشبوهة.
وذكرت الأركان الإيرانية، في تقريرها، أيضاً، أنه «تم جمع جزء ملحوظ من الوثائق والمستندات المتعلّقة بحادث المروحية، ويحتاج الأمر إلى مزيد من الوقت لمراجعة بعضها، على أن يتمّ بعد العمل الفني والخبرائي الإعلان عنها»، علماً أن رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، اللواء محمد باقري، كان قد كلّف، الإثنین، وفداً رفيع المستوى برئاسة العميد الطيار، علي عبد اللهي، إلى جانب خبراء وتقنيين وطنيين وعسكريين، التحقيق في أبعاد الحادثة وأسبابها.
اشتعلت النيران في المروحية المنكوبة بعد اصطدامها بالمرتفع


وأتى نشر التقرير في وقت يستمر فيه ظهور آراء متباينة حول ما جرى؛ ففيما أشار بعض المسؤولين الإيرانيين، ومن بينهم عضو فریق البحث عن المروحية، محسن هاشم نجاد، إلى أن «سوء الأحوال الجوية ووجود ضباب كثيف في الجبال» هما سبب «ارتطام المروحية بالجبل»، قال مسؤولون آخرون، من بينهم الناطق باسم الحكومة الإيرانية، علي بهادري جهرمي، ورئيس مكتب الرئيس الإیراني، غلام حسين إسماعيلي، إن الظروف الجوّية كانت «مؤاتية» وقت تحليق المروحية.
من ناحيته، أفاد أحمد علي رضابيکي، المحافظ السابق لأذربيجان الشرقية، حيث وقع حادث تحطُّم المروحية، بأنه «بناءً على ما سمعته ولاحظته، ليس من الواضح بالنسبة إليّ سبب سفر الرئيس والوفد المرافق له للمسافة القصيرة بين سد قیز قلعة سي وتبريز بالمروحیة، خاصة عندما يتم الإعلان عن أن الظروف الجوية غير مؤاتية». وكانت تحطّمت مروحية الرئيس الإيراني في منطقة جبلية نائية في شمال غربي إيران، بعدما غادر منطقة جلفا في مقاطعة أذربيجان الشرقية، متوجهاً إلى مدينة تبريز في شمال غربي البلاد، إثر انتهاء مراسم افتتاح سد مائي على الحدود بين إیران وأذربیجان.
وفي السياق نفسه، أثارت الأوساط الإعلامية في إيران تساؤلات حول سبب الحادث، وكتب بعضها عن «احتمال وجود مؤامرة خارجية». وانتقدت صحيفة «هم میهن» (المواطن) ما وصفته بـ»المعلومات الكاذبة والغامضة للحكومة» في شأن حادث تحطُّم المروحية، وقالت: «يدّعي مدیر مكتب الرئيس الإیراني أنه أجرى عدّة محادثات هاتفية مع آية الله آل هاشم (إمام جمعة تبريز الراحل) وهذا يعني وجود إشارة واتصال مع أبراج الاتصالات التي کان يمكنها بسهولة العثور على موقع التحطّم، لكن لم يتم تقديم أيّ توضیح لسبب عدم تمكنهم من العثور على حطام المروحية قبل حلول الظلام؟».
أيضاً، تناولت صحيفة «الجمهوري الإسلامي» احتمال وجود «مؤامرة أجنبية» و»تورط إسرائيل» في تحطُّم المروحية، ورأت أنه «بالنظر إلى أنه من بين المروحيات الثلاث، فإن المروحية التي كانت تقلّ رئيسي هي الوحيدة التي تعرّضت لحادث، فإنه يمكن استبعاد ارتباط سقوطها بالعوامل الجوية، وهو ما يعزّز احتمال وجود مؤامرة». وأضافت الصحيفة: «وقعت هذه الحادثة بالقرب من حدود إيران مع جمهورية أذربيجان، حيث نشر النظام الصهيوني العديد من المرافق الاستخباراتية والاتصالاتية والعسكرية فیها».
وشدّد عضو البرلمان السابق، حشمت الله فلاحت بيشه، من جهته، على أنه يجب تحديد أسباب الحادثة، «لأنّ لها أبعاداً خطيرة مجهولة». وعن تصريحات وزير الخارجية الإيراني السابق، محمد جواد ظريف، الذي ربط بين العقوبات وتحطّم المروحية التي حملت الرئيس الإيراني ومسؤولين معه، رأى فلاحت بيشه أن الشعب الإيراني هو أكبر ضحايا العقوبات الأميركية، وأن الحادثة الأخيرة هي مثال على ذلك، معتبراً أنه لا يجب اعتبار الولايات المتحدة بريئة من هذه القضية.