وفي آخر المواقف الصادرة من واشنطن في هذا الإطار، قال وزير الدفاع الأميركي، جيمس ماتيس، أمس، إن بلاده «تسعى إلى إنهاء الحرب»، وإن «هذا هو هدفها النهائي»، وهو نفسه الذي أرسل قبل أيام رسالة إلى قادة الكونغرس ناشدهم فيها الحيلولة دون تمرير مشروع قرار يلزم إدارة ترامب بقطع مساندتها عن «التحالف العربي». وبعبارة إنشائية مطاطة تبدو غير ذات معنى؛ بالنظر إلى توصيف البيت الأبيض «أنصار الله»، أول من أمس، بـ«الخطر الذي يتهدّد المنطقة»، وعد ماتيس بـ«إنهاء الحرب بشروط إيجابية لشعب اليمن، وأيضاً مع تحقيق الأمن لدول شبه الجزيرة»، من دون تحديد ماهية تلك الشروط، ما يفتح الباب على مسار يبدو طويلاً من المناورات، على الرغم من تشديد الوزير الأميركي على ضرورة «إحياء جهود البحث عن حل سلمي بشكل عاجل».
دعوة «لغّمها» ماتيس بمغالطتين: أولاهما توصيفه العدوان على اليمن بـ«الحرب الأهلية»، ما يعني عملياً تبرئة السعودية من ما يدور في هذا البلد، أو في الحد الأدنى التقليل من حجم مسؤوليتها عنه. وثانيتهما قوله لابن سلمان: «نحن ندعمكم في هذا الصدد» في معرض حديثه عن «جهود السلام»، في محاولة لتلبيس الرياض لبوس «الراعي» بين اليمنيين المتحاربين. وهذا ما تجلى بوضوح لدى إجابة ماتيس سؤالاً عن الخسائر في صفوف المدنيين، إذ تجاهل جوهر الموضوع، مؤثراً الإشادة بـ«الكميات الكبيرة من المساعدات الإنسانية التي قدمتها السعودية للمدنيين في اليمن».
دُشّنت منظومة «بدر» باستهداف منشأة لـ«أرامكو»
هذه الممالأة الأميركية لولي العهد السعودي مع إنهاء الحرب على اليمن عامها الثالث، تقابلها على مقلب «أنصار الله» رسائل «باليستية» متجددة، تستهدف إفهام كل من الرياض وواشنطن بأن المراهنة على إخضاع الحركة بمرور الزمن لن تؤتي ثمارها. هذا ما تجلى، أمس، في استهداف القوة الصاروخية في الجيش واللجان الشعبية منشأة تابعة لشركة «أرامكو» السعودية بصاروخ باليستي قصير المدى من نوع «بدر 1»، مُدشّنةً بذلك «الجيل الأول من منظومة بدر الباليستية محلية الصنع»، وفق ما جاء في بيان صادر عن القوة الصاروخية. وأكد البيان «استعدادنا لاقتحام العام الرابع من المواجهة بثقة أكبر، وقدرات صاروخية نوعية سيكون أثرها ملموساً في الميدان»، متوعّداً بأن «القوة الصاروخية ستطال جميع منشآت العدو رداً على عدوانه وحصاره». وشدد على أن «مساعينا لامتلاك قوة دفاعية رادعة لا تقف عند حد، وأنه كلما طال أمد العدوان والحصار تعاظمت قدراتنا الصاروخية»، منبهاً إلى أن «ذلك يفرض على العدو أن يأخذ في علمه أن مختلف إجراءاته للنيل من القوة الصاروخية ما هي إلا محاولات بائسة ستبوء جميعها بالفشل».
وجاء الكشف عن منظومة «بدر» الجديدة بالتوازي مع نشر الإعلام الحربي في «أنصار الله» صوراً لاستهداف الدفاعات الجوية في الجيش واللجان، أول من أمس، طائرة تابعة لـ«التحالف»، من طراز «F 15»، في أجواء محافظة صعدة. واعترفت قيادة «التحالف»، على إثر إعلان استهداف الطائرة، بـ«تعرض إحدى مقاتلاتها لإطلاق صاروخ دفاع جوي معادٍ من داخل مطار صعدة»، إلا أنها قالت إن «الطائرة تعاملت مع مصادر النيران وعادت إلى قاعدتها الجوية بسلام». وبرر المتحدث باسم «التحالف»، تركي المالكي، الحادثة بأن «ما تعرضت له مقاتلة التحالف»، والذي اعترف بأنه ينمّ عن «قدرات نوعية»، «عبارة عن صاروخ دفاع جوي لم يكن موجوداً ضمن القدرات العسكرية للدفاع الجوي اليمني، والتي تم تدميرها من قبل قوات التحالف»، مستدلّاً بذلك على «استمرار النظام الإيراني في تزويد الميليشيات الحوثية بقدرات نوعية».
وترافق استهداف الطائرة السعودية مع تنفيذ عمليات على الجبهة الحدودية، أدت إلى «مصرع وإصابة عدد من الجنود السعوديين»، وفقاً لما ذكرته وكالة «سبأ» التابعة لـ«أنصار الله». ونقلت الوكالة عن مصدر عسكري أن الجيش واللجان شنّا هجوماً على المواقع السعودية في صحراء البقع بمنطقة نجران، ما أدى إلى «تدمير آلية عسكرية ومقتل من كانوا على متنها». كما نقلت عنه أن القوات اليمنية استهدفت، كذلك، «تجمعات في صحراء الأجاشر ووادي آل القعيف في نجران، بقذائف المدفعية». وفي عسير، سُجّل قصف مدفعي للجيش واللجان على «تجمعات الجنود السعوديين في قلة حسن، وخلف موقع المسيال».