صنعاء | نجحت ضغوط محلية ودولية في الإفراج عن ستّ سفن مُحمّلة بالمشتقات النفطية احتجزها تحالف العدوان لأكثر من 50 يوماً قبالة جيبوتي، ومنع وصولها إلى ميناء الحديدة، من دون أي مبرر، مُتعمّداً اختلاق أزمة حادّة في الوقود كادت توقف الحياة في المناطق الواقعة تحت سيطرة «أنصار الله». وفور وصول السفن المُفرَج عنها، أعلنت شركة النفط اليمنية حالة الاستنفار، وسارعت إلى تموين العاصمة صنعاء والمحافظات الأخرى بكميات كبيرة كانت كفيلة بإنهاء مظاهر أزمة المشتقات النفطية التي عاشتها المحافظات الشمالية على مدى الأسابيع الماضية، وضاعفت معاناة الملايين من اليمنيين.تحالف العدوان، الذي لا يزال يحتجز خمس سفن من أصل 11 سفينة، تنصّل كعادته من جريمة تشديد الحصار، التي أدت إلى توقف العديد من المستشفيات ومصانع الدواء عن العمل، وتراكم النفايات في الشوارع العامة. لكن «التحالف»، وبعدما فشل في تبرير تلك الجريمة باتهام «أنصار الله» باستخدام موانئ الحديدة لأغراض عسكرية، وجّه حكومة الرئيس المستقيل، عبد ربه منصور هادي، بتصدّر المشهد وإعلان تحمّل المسؤولية عن تبعات حجز السفن. هكذا، وبعد أيام على تأكيد مصدر مسؤول في اللجنة الاقتصادية في عدن أن لا علاقة للجنة بحجز السفن، تقدّمت وزارة الخارجية في حكومة هادي، الثلاثاء الماضي، من الرياض، وبصورة مفاجئة، بما سمّته «مبادرة» للإفراج عن 10 سفن محمّلة بالمشتقات النفطية. وجاءت هذه «المبادرة» قبيل موعد تقديم المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، إحاطته إلى مجلس الأمن الدولي، حيث شكر الرياض على تعاطيها الإيجابي، مدّعياً أن الحصار قد انتهى، مخالفاً بذلك إفادة وكيل الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارك لوكوك، الذي تخوّف من تأثير أزمة المشتقات النفطية على الجهود الإنسانية للمنظمة الدولية في اليمن.
حكومة هادي تحاول اختلاق ذرائع جديدة لتبرير احتجاز السفن خلال الأيام المقبلة


حكومة هادي برّرت جريمة احتجاز السفن في رسالة إلى الأمم المتحدة، الأسبوع الماضي، برفض سلطات صنعاء تنفيذ القرارات الصادرة عنها بخصوص تنظيم استيراد المشتقات النفطية، قائلة إن هذه الخطوة تستهدف الضغط على حكومة الإنقاذ لتسليم إيرادات ميناء الحديدة لصرفها كرواتب لموظفي الدولة. ادّعاءٌ يناقض توجيه «المجلس السياسي الأعلى»، في أيار/ مايو الماضي، بتوريد إيرادات موانئ البحر الأحمر الثلاثة إلى حساب مرتبات موظفي الدولة في فرع البنك المركزي اليمني في مدينة الحديدة، ووضع ذلك الحساب تحت رقابة الأمم المتحدة، على أن يقوم الطرف الآخر من خلاله بتغطية العجز المالي وصرف رواتب الموظفين من دون استثناء وفق كشوفات الأجور والرواتب للعام 2014. وتنفيذاً للتوجيهات المذكورة، صدر قبل شهرين القرار الرقم 49 بفتح حساب في فرع البنك المركزي في الحديدة، يتمّ توريد إيرادات موانئ المحافظة إليه، في خطوة أحرجت حكومة هادي وأثارت السخط عليها بعدما حاولت إجبار تجار المشتقات النفطية على دفع تلك الإيرادات في عرض البحر، وتوريدها إلى البنك الأهلي السعودي بالعملة الصعبة.
حكومة هادي، التي ادّعت أن الإفراج عن عشر سفن محتجزة يأتي لتخفيف معاناة الشعب اليمني، عادت أواخر الأسبوع الماضي وأعلنت عن التصريح لـ8 سفن فقط بالدخول، لتُلحِق بذلك حديثاً مغلوطاً عن التمكن من انتزاع إيرادات الضرائب والجمارك في الحديدة من «أنصار الله» وفق اتفاق ثنائي غير مباشر، وتوقُع وصول تلك الإيرادات من الميناء خلال الفترة المقبلة. وهو ما تم نفيه من قِبَل مصدر مسؤول في اللجنة الاقتصادية العليا في صنعاء، أوضح في حديث إلى «الأخبار» أن عملية الإفراج عن السفن جاءت نتيجة جهود كبيرة بُذلت من قِبَل وزارة الخارجية في صنعاء، والوفد الوطني المفاوِض في سلطنة عمان، والذي التقى خلال الفترة القصيرة الماضية بسفراء عدد من الدول كفرنسا وبريطانيا والصين، إضافة إلى المبعوث الأممي. وأشار المصدر إلى أن «صنعاء تتمسّك بموقفها الثابت إزاء اتفاق استوكهولم بشأن الحديدة»، موضحاً أن «خطوة فتح حساب لتوريد إيرادات الموانئ لصالح رواتب موظفي الدولة جاءت وفق الاتفاق غير القابل للانتقاء والتجزئة، وعلى الطرف الآخر أن يقوم بتغطية العجز في ذلك الحساب، انطلاقاً من المسؤولية الوطنية والأخلاقية والدينية تجاه الموظفين الذين يعانون من عقاب جماعي مشين منذ أكثر من ثلاث سنوات، في ظلّ سيطرة حكومة هادي على الإيرادات العامة في المحافظات الخارجة عن سيطرة الجيش واللجان الشعبية، والتي كانت تغطي أكثر من 75% من الموازنة العامة للدولة قبل العدوان».
وعلى رغم انفراج الأزمة في العاصمة صنعاء والمحافظات الأخرى أمس الأحد، وعودة الحركة التجارية والصناعية والخدمية إلى وضعها الطبيعي، إلا أن حكومة هادي تحاول اختلاق ذرائع جديدة لتبرير احتجاز السفن خلال الأيام المقبلة. فبعد دخول السفن إلى ميناء الحديدة بساعات، أصدرت اللجنة الاقتصادية في عدن بياناً جديداً اتهمت فيه صنعاء بمنع التجار من التقيّد بقرارات حكومة هادي المُنظِّمة للاستيراد، مهدّدةً بمنع دخول أيّ واردات إلى ميناء الحديدة. وردّت النقابة العامة لمستورِدي المشتقات النفطية في صنعاء على ذلك بنفي تعرّض أعضائها لأيّ ضغوط من قِبَل صنعاء، متّهمة «اقتصادية عدن» بمحاولة احتكار الموانئ والابتزاز وفرض رسوم غير قانونية والتعامل مع أعضائها من منطلق سياسي. وأكدت أنها توصلت إلى اقتناع بعدم التعامل مع تلك اللجنة، بعدما ثبت عدم حياديتها وتنفيذها أجندة سياسية لصالح العدوان، مطالبة الأمم المتحدة بالتدخل العاجل لوقف انتهاكاتها، ورفع جميع القيود التي تفرضها على شحنات الوقود.