صنعاء | استكمل الجيش اليمني و»اللجان الشعبية» سيطرتهما على جميع مناطق مديرية الزاهر، جنوب محافظة البيضاء، وتقدَّما نحو عمق مديرية الصومعة، حيث اقتربا من آخر «إمارات» تنظيم «القاعدة» شرق المحافظة. وأفادت مصادر محليّة، «الأخبار»، بأن المواجهات لا تزال متواصلة في جبهات الصومعة والحازمية شرق البيضاء، بعد استكمال قوات صنعاء سيطرتها على مناطق المحصن، والغول، ومذسي، وجبل سوداء غراب، خلال الساعات الـ48 الماضية، واقتراب المعارك من آل برمان، والحبج، وعينه، آخر عُزل الزاهر المحاذية لمديرية يافع الواقعة في نطاق محافظة لحج (جنوب). وكشفت المصادر أن قبائل يافع رفضت السماح لميليشيات «العمالقة» بالمرور عبر مناطقها، كونها ملتزمة باتفاق مع حركة «أنصار الله» بعدم السماح لأيّ قوات معادية بالتسلُّل من أراضيها إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة الجيش و»اللجان»، وهو ما دفع مندوب التحالف السعودي - الإماراتي في مدينة عدن إلى تهديد قبائل يافع بقصف مناطقها بالطيران.

وكانت الرياض تعهّدت، بعد وساطات قبليّة، بتعزيز المنطقة الحدودية بين يافع والبيضاء بثلاثة ألوية لحمايتها من أيّ ردة فعل من جانب الجيش و»اللجان»، إلّا أن الجانب السعودي، وبعد انتكاسة الزاهر، تنصّل من التزاماته، وهو ما تزامن مع إغلاق فصائل تابعة لـ»المجلس الانتقالي الجنوبي» الموالي للإمارات، أوّل من أمس، تلك المناطق الحدودية، وسط مخاوفه من امتداد المعارك إلى ساحة نفوذه. وأوضحت مصادر محلية في يافع أن قوات «الانتقالي» استحدثت عدّة نقاط ومواقع على حدود مناطق آل حميقان، على رغم طمأنة صنعاء لقبائل يافع و»الانتقالي». وكان نائب وزير الخارجية في حكومة الإنقاذ، حسين العزي، طمأن إلى أن قوات صنعاء «لا تعتدي على أحد ولا تريد الشرّ لأحد»، معتبراً أن «أبناء يافع الكرام خير لهم أن يكونوا إخوة، وأن لا يضحّوا بشبابهم من أجل القاعدة وفاسدين ومرتزقة». كما وجّه، في الوقت ذاته، تحذيراً إلى «كلّ مَن يعتدي على أيّ مواطن في المساحات المحرَّرة». وتزامن حديث العزي مع احتدام المعارك في قرى البيضاء المحاذية لمديريات يافع، والتي تتبع سلطة «الانتقالي» في مدينة عدن، وهو ما عدَّه مراقبون رسالة بعدم وجود نيّة لدى صنعاء للتوسُّع صوب مناطق يافع والجنوب، خصوصاً أن عمليتها الأخيرة في هذه المنطقة جاءت ردّاً على التصعيد الذي قاده «التحالف» في الزاهر والصومعة.

اعترف «القاعدة» بتكبُّده خسائر فادحة، متّهماً دولة الإمارات باختراق جبهتَي الصومعة والزاهر


وفي جبهة الصومعة، التي تُعدّ من أهمّ معاقل «القاعدة»، استمرّت المواجهات خلال الأيام الماضية، من دون توقّف. وعلى رغم اعتراف التنظيم، في بيان، بتكبُّده خسائر فادحة، واتّهامه دولة الإمارات، التي سمَّاها «دولة الكفر»، باختراق جبهة الصومعة والزاهر والتسبُّب بالهزيمة لعناصره، ونفيه وجود أيّ قوات تابعة للرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، في المعركة، أكدت مصادر قبلية، لـ»الأخبار»، أن عدداً من الألوية التابعة للسعودية، كـ»لواء الأماجد»، الذي يقوده السلفي المتطرّف، صالح الشاجري، حشد قواته في جبهة الصومعة لمساندة «القاعدة» والدفاع عن معقلها الأخير من السقوط تحت سيطرة الجيش و»اللجان». وإلى هؤلاء، انضم «اللواء الرابع - عمالقة» الذي يقوده القيادي السلفي الموالي للرياض، حمدي شكري، إلى جبهة الحازمية، في محاولة من جانب الرياض لوقف كرة الهزيمة. إلا أن قوات صنعاء شنّت، أمس، هجوماً واسعاً استهدف تلك الميليشيات في جبهة الحازمية، وخاضت معها مواجهات عنيفة في منطقة الضاحكي. ووفقاً للمصادر، يستميت مقاتلو «العمالقة» و»القاعدة» في الدفاع عن مواقعهم في الصومعة والحازمية التي تقع جغرافياً على مقربة من مدينة البيضاء، محاولين إحداث أيّ اختراق يُعيد إليهم زمام المبادرة.
من جهتها، اتهمت مصادر استخبارية، الرياض، بأنها تقف وراء إعادة ترتيب صفوف «القاعدة» بعد استعادة صنعاء مديريتَي القرشية وولد ربيع في آب الماضي. وهي مهمّة أوكلتها لـ»لواء الأماجد» الذي يتّخذ من مديرية لودر (أبين) التي ترتبط بحدود جبلية مع الصومعة، مقرّاً له، لتوفير الغطاء للتنظيم وفتح معسكرات تدريب خاصة له في بطون أودية المنطقة الوسطى في أبين، فضلاً عن أنها عزَّزت عناصر التنظيم بالمال والسلاح، وأمّنت تحرّكاتهم بين البيضاء وأبين. والجدير ذكره، هنا، أن عناصر التنظيم في الصومعة ارتكبوا، خلال الفترة الماضية، العديد من الجرائم البشعة، أبرزها تفجير مستشفى الصومعة وقتل مَن فيه من أطباء ومرضى بعد قيامهم باعتقال طبيب أسنان وتعذيبه حتى الموت وصلبه في مكان عام بتهمة التخابر مع جهات معادية.