تبدو أبو ظبي مضطرّة إلى الاتفاق لأنه يضمن لها استكمال مخطّط السيطرة على المحافظات الشرقية
لكن السؤال الذي يُطرح اليوم، ماذا بعد الاتفاق؟ وما مصير «اللجنة العسكرية والأمنية المشتركة» المشكَّلة من قِبَل الرياض وأبو ظبي، والمخوّلة توحيد القوات الموالية للدولتَين؟ عمليّاً، تبدو تحرُّكات وزير الدفاع في كلٍّ من عدن ولحج، بعد توقيع الاتفاق، أشبه ببرنامج جديد للهيكلة تدفع في اتجاهه الإمارات من طرف واحد، وخصوصاً أن اللقاءات التي عقدتْها اللجنة العسكرية والأمنية كانت جميعها مع قيادة القوات الأمنية والعسكرية الموالية لها، فيما بدت المهمّة الجديدة لأبو ظبي توحيد جميع تلك الميليشيات تحت مظلّة وزارة الدفاع. أمّا عن تلك التي في حضرموت والمهرة ومأرب وتعز، فبدلاً من ضمّها وهيكلتها، تبدو المواجهة عسكريّاً معها مسألة وقت، ولكن هذه المرّة تحت راية وزارة الدفاع.
ومثّلت هذه الخطوة نزعاً لفتيل الأزمة التي تصاعدت بين «المجلس الرئاسي» من جهة، و«المجلس الانتقالي» من جهة أخرى، وخصوصاً أن اختيار الداعري كعرّاب لهذه المهمّة يطمئن «الانتقالي» المتوجّس من تمدُّد قوات طارق صالح جنوباً. وفي الوقت نفسه، فإن اختيار الداعري يُطمئن القوى المناهضة لـ«الانتقالي» ومشروع الانفصال، على اعتبار أنه لا ينتمي إلى هذا المشروع.
وهناك أسئلة أخرى تُطرح عن مدى صمود هذا الاتفاق أمام استحقاقاته على الأرض، وخصوصاً أنه لم يحدِّد مَن المستهدف، فيما وضع مهمّة «مكافحة الإرهاب» في متن نص الاتفاق، ما يكشف أن المهمّة هي التعاون لتدمير ما تبقى لحزب «الإصلاح» من قوّة في حضرموت والمهرة ومأرب وتعز، وهو ما يهدّد مستقبل الاتفاق ونجاحه، ليس فقط لأن الرياض لم تباركه، فضلاً عن رفضها غير المعلن له، بحسب تلميحات بعض الإعلاميين السعوديين المقرّبين من أصحاب القرار، ولكن أيضاً لأن القوى اليمنية ترفضه، سواء حكومة صنعاء أو القوات التابعة لـ«الإصلاح». وينطلق الموقف المشترك الرافض للاتفاق من كونه غير قانوني، لأن مجلس النواب هو وحده المخوّل البتّ بنوع كهذا من الاتفاقات.