مهدي زلزلي | تستعجل الكاتبة السعودية، هناء حجازي، إعلان ثيمة روايتها الأولى «امرأتان» الصادرة عن دار الساقي. فتسأل منذ الصفحة الأولى: «الناس تحكي عن «السكس» في كلّ مكان، وهو يحرّم الحبّ؟ أين نعيش نحن؟». سؤال يقود مرام مبكراً، ولاحقاً صديقتها ليلى، إلى التمرّد على المجتمع الذكوريّ الظالم، وقوانينه البالية. تمرّد يبقى كالعادة منضبطاً تحت سقف معلوم، فبدلاً من التركيز على دور المؤسسة الدينيّة، والنظام المتواطئ معها على وأد أحلام المرأة السعوديَّة، تجرّم الرواية الرجل، الفرد بصورة مركَّزة، وتكتفي بإشارات عابرة إلى «الهيئة» و«الدينيين».
هكذا نتعرَّف إلى ليلى، التي تغرَم بأحمد، شاعر يبادلها الحبّ، ولكنها تعاني رفض أهلها له، لأنه ليس قبليّاً، ولا أصول له تكون مدعاة فخرهم، وإرغامها على الاقتران بابن عمها، الذي لا يختلف بجلافته عنهم. وعوض أن يكون الهمّ الفرديّ للبطلة مدخلاً لإحساسها بمشكلات مجتمعها، فإنَّ الكاتبة تقزّم المفاهيم الكبرى، وأحلام الشعوب بالتحرر والديموقراطية، حين تنقل إلينا رغبات ليلى، التي لا تفهم في السياسة وتشيح بوجهها عن نشرات الأخبار، بالتحوّل إلى ناشطة سياسيّة تصرخ ضدّ كلّ شيء، وتشتم الجميع (هل تختصر العبارة نظرة أهل هذه البلاد إلى العمل السياسيّ؟) وتطلب اللجوء إلى أيّ بلد، بحجّة معارضتها نظام الحكم، فقط للتخلص من قيود والدها. فيما «مرام» القادمة من بيئة مدينيّة أكثر انفتاحاً، تُغرم بمثقف مشهور، لتكتشف لاحقاً أنَّ الرجل الذي أعاد تشكيلها فكريّاً اعتاد خيانة مبادئه حين تقتضي المصلحة ذلك، وأن استهزاءه بفكرة الزواج كلام للاستهلاك، لا يمنعه من السعي إلى الزواج بامرأة أخرى، ومحاولته الحفاظ على علاقته بها في الوقت نفسه. فتشرع في محاولة الانتقام منه، لتنتبه، متأخرة، أنَّها تشبهه على نحو ما، وأنَّ كليهما يبرر لنفسه فعل كلّ شيء في سبيل تحقيق مصالحه.
أما الخاتمة، التي جاءت قويّة فنيَّاً، فكانت محبطة، وقتلت كل ما حاولت الكاتبة زرعه من أمل في قلب المرأة السعوديّة. فانتحار البطلتين برمي نفسيهما في البحر، يعني أنّ كلّ الإزعاج الذي مارستاه في وجه هذه المنظومة كان عبثاً، وأن الخيار الأول والأخير ليس سوى إحدى كلمتين: الانصياع، أو الهروب.

أرسلوا لنا مشاركاتكم على البريد الإلكتروني:
[email protected]