يبدو أن السعودية ومناصريها لم يحسنوا فهم «تويتر»، فبعكس الواقع، لا يمكن في عالم «تويتر» الافتراضي إخفاء محاولة إثبات النفس عبر إنفاق الأموال لشراء المناصرين. إذ إنه يسهل رصد وملاحظة عملية شراء المتابعين، إضافةً إلى دفع المال لقاء وصول هاشتاغ إلى قمة الهاشتاغات الشائعة. لم يتمكن أيّ من مستخدمي «تويتر» من تجاهل هاشتاغ «#رعد_الشمال»، يوم الخميس الماضي، ليس لكثرة استخدامه، بل لأنه كان مزروعاً على قمة «الهاشتاغات الشائعة». واللافت في الأمر ليس مضمون الهاشتاغ، بل الجملة التي على شماله: «درع الوطن يروّج لهذا الهاشتاغ»، أي أنه مدفوع عبر «الحساب الرسمي الخاص بتغطية أحداث رعد الشمال باستضافة السعودية». وليس من المنطقي ألا يتمكن مواطنو الدول المشاركة في مناورات «رعد الشمال» العسكرية من أن يروجوا للهاشتاغ بشكل عضوي، من دون الحاجة إلى إنفاق المال على الأمر، علماً بأن مناورات ما سمي «رعد الشمال» شاركت بها «20 دولة عربية وإسلامية». والمسألة هنا ليست الأموال التي أنفقت على الترويج، إذ إنها ليست بالمبالغ الضخمة مقارنةً بما تنفقه السعودية على قنوات دعائية أخرى. ولكن متى كانت آخر مرة رأينا فيها "هاشتاغ" مدفوعاً على «تويتر»؟ البعض من مستخدمي «تويتر» الأوفياء قالوا إنها المرة الأولى، على الأقل في العالم العربي. وليس هذا فحسب، بل إنهم كانوا يعتقدون بأن «تويتر» لا يوفر تلك الخاصية أساساً. ومع أن تلك الخاصية كانت متوافرة منذ فترة طويلة، إلا أنها لم تكن مستخدمة بشكل ملحوظ، والسبب بسيط: لأنها مباشرة وفجّة. فإذا استخدمت بذكاء، من الممكن أن تكون مناسبة لغرض تجاري أو خيري، أما إذا استخدمت بشكل عشوائي، وغير مدروس، فسوف تجعل مطلقها يبدو كالجاهل في ما يتعلق بوسائل التواصل الاجتماعي، فكيف إذا استخدم هاشتاغ للترويج لمناورات عسكرية، وهو يحمل اسم المناورات نفسه؟
جدير بالذكر أنه في السابق كان مناصرو السعودية قد أطلقوا هاشتاغ «#عاصفة_الحزم»، ولكن الأمر لم يسر على ما يرام بالنسبة إلى مطلقيه. إذ تم توظيف الهاشتاغ، وقتها، في كثير من الأحيان، لتوجيه الانتقادات للعدوان السعودي على اليمن، وكذلك للسخرية من الهاشتاغ نفسه. وليس هذا فحسب، ولكن ما لبث أن ظهر أكثر من هاشتاغ مضاد له مثل: «#عاصفة_التنابل»، «#مملكة_الرمال» وغيرها. إذاً، تحاول السعودية جعل «تويتر» ساحة جديدةً لتقول للعالم أجمع «أنا هنا»! ولكن يبدو أنها لم تتعلم من فشل «#عاصفة_الحزم»، لتجني على نفسها، افتراضياً، مرّة أخرى.