القاهرة | رغم صدق آدائه الفنيّ، إلا أن الممثل جمال إسماعيل (1933) الذي رحل أمس نتيجة أزمة قلبية، لم يحصل على فرصته الذهبية في التلفزيون الذي عمل فيه قبل أكثر من 50 عاماً. لكن تبقى أدواره الثانوية في الأعمال الدرامية شاهدة على براعته في التمثيل. بدأ مشواره الفنيّ في نهاية الخمسينيات عن طريق الصدفة، إذ كان يعمل مفتّشاً للمسرح في مسقط رأسه في الاسكندرية عام 1958، فتحوّلت مسيرته من موظّف حكومي إلى ممثّل عشق المسرح. ثم أشرف الراحل على تكوين «فرقة الفنون بالشعر» العام 1961، وإنضمّ لاحقاً إلى فرقة «التيفزيون». لم يتعرّف الجمهور إلى الراحل إلا من خلال دوره في مسرحية «سيدتي الجميلة» في نهاية الستينيات، عندما قدّم دور عبد الله بعضشى الحرامي. كما ساهم في نجاح المسرحية بسبب وقوفه إلى جوار الممثل الراحل فؤاد المهندس وشويكار، وتمكّن من تقديم الدور الكوميدي بإتقان. رغم نجاحه في «سيدتي الجميلة»، بقيت أدواره ثانوية في عشرات الأعمال على مدار أكثر من ثلاثة عقود. ولا يتذكّر منها الجمهور سوى أدوار محدودة منها فيلم «إحنا بتوع الأتوبيس» (1979) مع عبد المنعم مدبولي وعادل إمام، ومسلسل «دموع في عيون وقحة» الذي شارك فيه في منتصف الثمانينيات. تأخّرت النجومية عن إسماعيل لأكثر من 30 عاماً حتى جاءته الفرصة في الدراما التلفزيونية من خلال مسلسل «ليالي الحلمية» (كتبه أسامة أنور عكاشة وأخرجه إسماعيل عبد الحافظ) الذي رفع من شأن الدراما المصرية، فقدّم دور الأبّ ليخلق لنفسه صورة مختلفة لدى الجمهور.
كما إزداد نجاحه مع مشاركته في المسلسل الإجتماعي «الضوء الشارد» (إخراج مجدي أبو عميرة) عام 1998، ولعب دور والد الممثلة منى زكي التي كانت في بداية مشوارها الفني، وكان يرغب إبن أحد الأثرياء (جسّد دوره محمد رياض) الإرتباط بها. لم يغب إسماعيل عن الساحة كغالبية أبناء جيله نتيجة صعود جيل الشباب، بل برع في تقديم دور الأب الطيب والحنون ذي الوجه البشوش، وكذلك دور الجدّ في عشرات الأعمال التلفزيونية والسينمائية، منها مشاركته في فيلم «مافيا» عام 2002 (تأليف مدحت العدل وإخراج شريف عرفة) مع الممثل أحمد السقا، وقد كان محطة إنطلاق لمجموعة من الممثلين الشباب منهم: منى زكي، مصطفى شعبان، وأحمد رزق.
كرّر الراحل شخصية الأبّ في أعمال تلفزيونية عدّة منها دور والد «شوقية» في مسلسل السيت كوم «تامر وشوقية» عام 2006 (بطولة أحمد الفيشاوي ومي كساب) الذي إستمر عرضه على مدار سنوات. بينما جسّد دور طبّاخ الرئيس في الفيلم الكوميدي الذي حمل الإسم نفسه، وقدّمه إلى جانب الممثل طلعت زكريا في عام 2008، وظهر في شخصية الطبّاخ (سليمان) المطلوب إبعاده عن القصر بسبب حديثه في السياسة مع الرئيس.
لم ينقطع إسماعيل عن الوقوف أمام الكاميرا، وبقي مواظباً على عمله حتى آخر أيامه، وظهر في مسلسل «القاصرات» (سيناريو سماح الحريري، وإخراج مجدي أبو عميرة) الذي عرض في رمضان الماضي، وقدّم دور الشقيق الأكبر للممثل ياسر جلال الذي كان يعمل مزارعاً في منزل «عبد القوي» الذي جسد دوره صلاح السعدني. وكان المسلسل قد أثار حالة من الجدل في مصر لدى عرضه لأنه تطرّق إلى زواج القاصرات ومعاناتهن في المجتمع. يذكر أن الراحل جمال اسماعيل وري الثرى أمس في مقابر عائلته القريبة من «مسجد السيدة نفيسة» في القاهرة.