منذ نحو أسبوع قُتلت سارة الأمين بـ 17 رصاصة في رأسها. لم يحاول زوجها المجرم الهرب انما انتظر القوى الأمنية بأعصاب باردة وأشعل سيجارة ريثما تصل. يثق المجرم علي الزين بالدولة وتحديداً بالسلطتين التشريعية والقضائية، ولهذه الثقة اسبابٌ استنتجها القاتل من الجرائم التي حصلت سابقاً. فزوج الضحية رولا يعقوب، كرم البازي، حرٌ طليق، حتى إنّ قاضي التحقيق في الشمال منع المحاكمة عنه لعدم كفاية الأدلة. ماتت رولا في السابع من تموز عام 2013، وكانت تبلغ من العمر 32 عاماً، ولم يأخذ القاضي بافادات الشهود عن تعرّضها للعنف الجسدي على يد زوجها.
القاتل جان ميشال ديب، زوج الضحية نسرين روحانا، خطفها من امام مجمع تجاري في بيروت وعلى مرأى من الناس وأطلق النار عليها في نهر ابراهيم ورماها في الوادي. أوقفت السلطات المجرم وهو يقبع في السجن منذ نحو 6 أشهر إلا أنه حتى اليوم لم تبدأ المحاكمة.
القاتل خالد غوراني، زوج الضحية فاطمة بكور، ذبحها على فراشها وهي حامل في شهرها السابع. «صارو 3 جلسات بمحكمة الجنايات، والقاضي كل 3 اشهر وأكتر بيجي بيحكي كلمتين وبيقلنا فلوا. هوي نايم بالحبس الو سنة و8 اشهر ونحنا عم نتعذب. اذا قاضي من هالقضاة اندبحت بنتو متل فاطمة شو بيعمل؟ «، تصرخ والدة فاطمة.
وحدهم الضحايا وأهاليهم لا يثقون بالدولة. ثقتهم بالسلطة التشريعية اندثرت عندما أقر مجلس النواب في 1 نيسان 2014 قانونا مشوّهاً ومفرغاً من مضمونه شرّع فيه الاغتصاب الزوجي تحت ما يسمى «الحقوق الزوجية الجنسية» للرجل، لأول مرّة في قانون مدني، وجرى تعميم هذه الحقوق بوصفها حقاً يمكن الرجل أن يستوفيه من زوجته متى شاء. حاولوا أن يثقوا بها مرة أخرى عندما توجهوا الى القضاء لكنّ المماطلة والقرارات الصادرة عن بعض القضاة قتلت الضحايا مرة أخرى وأفسحت المجال أمام معنّفين آخرين ليتمادوا في جرائمهم، فكانت سارة الضحية الأحدث لكنها بالتأكيد لن تكون الأخيرة.

المطالبة باجراء محاكمة سريعة لمرتكبي هذه الجرائم


بالأمس، تجمّع عدد من النساء بدعوة من التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني ومجموعة من الناشطين والمنظمات النسائية والمدنية ليطالبوا بأمر بسيط جداً: العدالة لأرواحهنّ. أمهات الضحايا حضرن بحزنهنّ، لم تعد الجرائم شخصية بالنسبة لهن إنما أصبحت قضيتهنّ.
وقف أولاد سارة الأمين الى جانب أمهات نسرين روحانا، فاطمة بكور، منال عاصي ورقية منذر أمام قصر العدل. حاولت احدى القاضيات أن تمر بسيارتها لكن الطريق كانت مقفلة بأجساد اهالي الضحايا، فصرخت بوقاحة «ما بيصير هيك بدنا نمرق». لم يبدُ على وجه القاضية أي تأثّر بالمشهد الذي تراه أمامها، حتى انها بالكاد لاحظت صور النساء اللواتي متن على ايدي أزواجهن.
شقيق سارة، محمد الأمين، أعلن أنّ هذه القضية «هي قضية كل قاضٍ وكل محامٍ لديه ابنة وأخت، لكن قبل ان نتحدث عن القضاء والمحاكمات العادلة علينا أن نؤكد أنه من دون تشريع عادل يُنصف المجتمع لا شيء يمكنه أن يوقف هذه الجرائم».
رأى بيان التجمع النسائي الديمقراطي انّ هذه الأفعال «مؤسسة على منظومة أبوية وذكورية سائدة في مجتمعنا تطبع كل مؤسسات المجتمع وتأتي من سطوة مجتمع ذكوري يريد اخضاع النساء والسيطرة عليهن». أمّا المحامية بريجيت شلبيان، فقد أكّدت في كلمة نقابة المحامين في بيروت أنّه تبيّن أنّ «قانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري لا يمثل رادعاً كافياً لمنع المجرم عن ارتكاب جريمته، كما أنه لا يمثل وسيلة كافية للوقاية من جرائم العنف الاسري»، مضيفة أن «تأمين الحماية للنساء لا يقتصر فقط على اصدار قرار حماية من القضاء، بل يوجب على الدولة وضع الآليات اللازمة لتأمين حماية فعلية وفعالة قبل وبعد اصدار قرار الحماية».
أما إنصاف الضحايا، فيكون «عبر اجراء محاكمة سريعة لمرتكبي هذه الجرائم مع التأكيد على ضرورة عدم التفتيش عن ذرائع لتبرير هذا الفعل الجرمي وتخفيض العقوبة بحق المجرم».