في ظل عالم يتجه بسرعة نحو الرقمنة، تسارع الشركات الكبرى والشركات الناشئة ورواد الأعمال إلى اكتشاف القيمة الاقتصادية والتجارية، التي يمكن أن تُخلق جراء التعاون في ما بينهم، وهذا التعاون يصب كله في الاقتصاد الرقمي.لا تزال القيمة الفعلية للاقتصاد الرقمي غير مُستغلة، أو تقتصر الاستفادة منها على عدد قليل من الشركات الكبرى، لكن اليوم، هناك فرصة اقتصادية تقدر قيمتها بـ 1.5 تريليون دولار في حال نجاح التعاون بين شركات دول مجموعة العشرين للانتقال إلى الاقتصاد الرقمي والوصول إلى مستويات عالية من الأداء، ما يمكن أن يرفع الإنتاج العالمي بنحو 1.5 تريليون دولار، وهو ما يمثل رفع الناتج المحلي الإجمالي العالمي الحالي بنسبة 2.2%، وفق أبحاث شركة accenture للاستشارات وخدمات التكنولوجيا. وإذا استطاعت جميع الشركات الوصول إلى مستويات أداء عالية في السنوات الست المقبلة، يمكن أن يزداد الناتج الاقتصادي العالمي السنوي بنسبة 0.3% بين عامي 2015 و2020.
يشكّل الاقتصاد الرقمي 22.5% من الاقتصاد العالمي

وعلى الرغم من استفادة المنظمات والمؤسسات من التكنولوجيا الرقمية، إلا أن العديد من الاقتصادات لا تزال غير مهيأة رقمياً. تقدّر شركة accenture أنّ الاقتصاد الرقمي، الذي ينطوي على بعض أشكال المهارات الرقمية ورأس المال الرقمي، يشكّل نسبة 22.5% من الاقتصاد العالمي، ومع ذلك لا تزال قدرة "الرقمي" بعيدة جداً عن الاستغلال. يكشف البحث أنه إلى وقتنا الحاضر استفاد عمالقة التكنولوجيا والشركات التي تأسست رقمياً من "إهمال" هذا الاقتصاد، عبر اكتشافها لقوة التكنولوجيا وتطوير منصات جديدة من نماذج الأعمال لاستخراج القيمة المخفية لهذا الاقتصاد. فقد سيطرت هذه الشركات على النمو والأرباح وارتفاع مكاسب رسملة السوق التي استُثمِرَت مجدداً في النطام البيئي الرقمي. تعلن الشركة أن هناك فرصة لشاغلي الوظائف التقليدية لاتباع نماذج الأعمال الرقمية الجديدة، إذ يمكن قادة الأعمال وصناع السياسات أن يكونوا أكثر تنافسية وإنتاجية عبر تحسين الاستثمارات الرقمية.
بالاستناد إلى أحدث النماذج الإحصائية للشركة، يتبين أن 28% من إنتاج الاقتصادات الناضجة أو القوية رقمي، لكن بالتعمق في البيانات المتوافرة تظهر مكاسب أكبر يمكن الحصول عليها في الإنتاجية والنمو. فتقليدياً، يرتكز قياس اقتصاد الإنترنت أو الاقتصاد الرقمي كثيراً على التكنولوجيا، تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، التجارة الإلكترونية... ولكن هذا لا يأخذ في الحسبان كامل نطاق الرقمية.
من ناحية حجم الاقتصاد الرقمي، تتصدر الولايات المتحدة الأميركية التصنيف، إذ تقدّر قيمة اقتصادها الرقمي بـ 5.9 تريليونات دولار، أي ما يوازي 33% من الناتج المحلي. كذلك، إن 43% من العمالة في الولايات المتحدة الأميركية موجودة في القطاع الرقمي. وإذا قسنا الاستثمارات المتراكمة في مجال البرمجيات والأجهزة والاتصالات والمعدات، فإن رأس المال الرقمي يمثل 28% من إجمالي الأصول. بالمقابل، تشكل القوى العاملة في المجال الرقمي في إيطاليا 37%، فيما يشكل رأس المال الرقمي 10% فقط ــ وهو أصغر استثمار في رأس المال ضمن معظم الاقتصادات الأخرى ــ والنتيجة أن الاقتصاد الرقمي في إيطاليا تبلغ قيمته فقط 18% من مجمل الناتج المحلي.
أمّا على صعيد القطاعات، فيشير البحث إلى أنه ليس مفاجئاً، على المستوى العالمي، أن يثبت قطاع الخدمات التي تعتمد على البيانات مثل الخدمات المالية، قيمته الرقمية. لكن المهارات الرقمية والتكنولوجيا الرقمية لديها تأثير في اقتصادات العالم، إذ إن 22% من إنتاج صناعة التجزئة العالمية يستند إلى الرقمي، 28% من قطاع الصحة و20% من السلع الاستهلاكية.
يخلص البحث إلى أن الاقتصادات العالية الأداء يمكن أن تحقق عوائد أفضل من خلال الاستثمار في المهارات الرقمية، التكنولوجيا الرقمية والمسرعات الرقمية. وعلى القطاعين العام والخاص أن يستثمرا بنحو كثيف في التكنولوجيا الرقمية من دون أن يهملوا إعداد العمال وسوق العمل للمستقبل، فالنماذج تُظهر كيف أن الاستخدام الأذكى للمهارات الرقمية والتكنولوجيا وغيرها يمكنه زيادة الإنتاجية وإيجاد 2 تريليون دولار إضافية للناتج الاقتصادي بحلول عام 2020. وبهذه الطريقة، يمكن الاستثمارات الرقمية أن تضاعف النمو في السنوات المقبلة. فالولايات المتحدة الأميركية، حيث نرى تعديلات في الاستثمارات في المهارات الرقمية والتكنولوجيا والمسرعات الرقمية، وتماشياً مع حسابات شركة accenture، يمكن أن تحقق زيادة في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.1%، أي ما يعادل 421 مليار دولار عام 2020.




ما هو الاقتصاد الرقمي؟

الاقتصاد الرقمي هو حصة من الناتج الاقتصادي الكلي مستمدة من عدد من المدخلات "الرقمية" الواسعة. وتشمل هذه المدخلات الرقمية: المهارات الرقمية، المعدات الرقمية (الأجهزة والبرمجيات ومعدات الاتصالات) السلع الرقمية المتوسطة والخدمات المستخدمة في الإنتاج، وهي تشكل أسس الاقتصاد الرقمي.