خلال فترة ليست بقصيرة حوّل بعض الناشطين والمتابعين على الفايسبوك قصة منع المغني حازم شريف من رفع العلم السوري في الحلقة الأخيرة من «محبوب العرب» (mbc) التي نال لقبها، إلى سيرة لا تنتهي بأسلوب فكاهي.انصرف هؤلاء نحو إعادة السؤال الذي اعتصموا عنده منذ إنتهاء البرنامج: «لماذا لم يرفع حازم العلم؟». وإتخذ آخرون من السؤال نفسه لازمة يختمون بها سلسلة التعليقات التي تنقل الأخبار الدموية التي تحصل في الشام وحلب. رغم أنّ المشهد يبدو تهكّمياً، إلا أنه ساهم في تكريس شهرة المغني الذي أطلق أكثر من أغنية لم تنل نصيباً وافراً من الرواج الجماهيري اللازم.

حتى أنه فسخ عقده مع شركة «بلاتينيوم ريكوردز»، وكان آخر ما قدمّه أغنية قصيرة هي «شدّي حيلك يا حلب» (كلمات عامر لاوند وكلمات راشد الشيخ). لكن خلال الأيّام القليلة الماضية، عادت قصة العلم إلى التداول بكثافة هذه المرّة عندما كتب على صفحته العامة «ألف مبروك النصر يا حلب وألف مبروك للشعب الحلبي. بمناسبة النصر والفرح سوف أُطلق أغنيتي الجديدة «راجعلك سوريا» (كلمات رياض العلي وألحان حمادة اسماعيل) خلال ساعات قليلة كإهداء للشعب السوري». وأرفق البوست بالعلم الرسمي للجمهورية السورية. بالفعل، أطلق الاغنية وقامت الدنيا ضدّه، وإنهالت الشتائم عليه، منطلقة من فكرة أنّه «رفع العلم أخيراً لكنه إختار أن يرفع علم النظام». ثم راحت التعليقات التحريضية تذكّر بأنّ «والد شريف قنص ومات في حلب على يد القوات النظامية، وهو اليوم يهنّئ قائد هذه القوّات باستعادته حلب ركاماً وأشلاء». ثم أتت المقالات المدجّجة بعناوين تشبه رمي الرصاص، عدا عن سيل جارف من شتائم وألفاظ بذيئة لم تبق ولم تذر من الأخلاق شيئاً. على الضفة المقابلة، كان الجمهور المؤيّد سعيداً لشريف بذريعة أنّه حقّق الحلم المنشود برفع العلم، وأنه «يغنّي للمدينة المحرّرة من الإرهاب». الصراع المأزوم وشجار الطرشان، وضع السوية الفنيّة للأغنية في مهبّ الريح. لم يعن أحد مستوى اللحن أو جودة الكلمات، ولم يدقق الجمهور المشغول بالإنقسام السياسي، في ألق موهبة وصوت شريف. فهل لا يزال على حاله، أم خفت كما يحصل غالباً مع مشتركي البرامج عندما يؤّدون أغانيهم الخاصة؟.
على أيّ حال، إن العمل الفني عاطفي يمتلئ بالحنين للبلاد بشكل شخصي، يمكن تعميمه على كل مغترب يشتاق لهواء مدينته. ربما هنا تعبير دقيق عن حالة شريف وهو يقول «بكل المسارح عم دندن باسمك، بكل المطارح إنتي بحسّك، ما عاد فيّ أكتر حنّ، برا حدودك والله سجن، مافي أصعب من غيابي عنّك، راجعلك سوريا، قلبي عم ينبض فيّا»، مع لحن بسيط يتماشى مع النَفَس العاطفي للأغنية التي بثّها المغني على يوتيوب ممهورة بصورته وهو يحمل جواز سفر بلاده.