كان اندلاع الانتفاضة الشعبية الفلسطينية الأولى، المعروفة بانتفاضة الحجارة، أمراً طبيعياً من حيث حتمية حدوثه في سياقٍ أخذت فيه عربدة النظام الاستعماري الصهيوني بُعداً جديداً؛ فقد ثبت فشل المساعي الإسرائيلية لاحتواء سكان المناطق التي احتُلَّت في حرب حزيران/ يونيو 1967، من خلال استخدامهم كأيد عاملة رخيصة في قطاعات البناء والزراعة والصناعة الخفيفة. في رسالة كتبها الشاعر الراحل محمود درويش إلى الشاعر الراحل سميح القاسم في 5 آب 1986، قال له فيها: «نحن في حاجة ماسّة إلى الإيمان الأول، وإلى النار الأولى. نحن في حاجة إلى سذاجتنا. نحن في حاجة إلى درس الوطن الأول: أن نقاوم بما نملك من عناد، وسخرية، بما نملك من جنون… في الأزمات تكثر النبوءات: وها أنا ذا أرى وجهاً للحرية، محاطاً بغصني زيتون... أراه طالعاً من حجر». بعد عام وبضعة أشهر، قامت الانتفاضة، وتحققت نبوءة الشاعرين، أو تحقق إلهام الشعب للشاعرين، وكانت قصيدة الشعب الفلسطيني التي امتدت لأعوام بالدم والعظام وحجارة الأرض. الانتفاضة التي قامت قبل 35 عاماً، يمكن لها أن تقوم اليوم، أن تولد من بطن الأرض، من حجارتها، من زيتونها، من السواعد التي ستحمل النار في وجه إسرائيل.