القاهرة ــ الأخبارقالها ببساطة شديدة: «سنغسل مصر بماء السماء الطهور»؟ والنص الدقيق يقول إن المرشد العام لجماعة الاخوان المسلمين، محمد بديع، قال في إفطار بمدينة طنطا: «الإخوان يسعون بكل قوة لإزالة أوساخ المجتمع والحكومة المصرية رغم أنهم ليسوا طرفاً فيها أو تسببوا في جزء منها، ما يعرّضنا للعنف والمضايقات». وأعلنها صريحة بعد التمهيد: «إننا مصرون على تطهير النظام باعتبارنا نحمل ماء السماء الطهور».
كل هذا تبرير للتمسّك بشعار «الإسلام هو الحل»، معتبراً أنه نظام بديل «بعدما فشلت الحكومة في تقديم البديل وقادت البلاد إلى الفساد والخراب وجربت جميع الأنظمة من اشتراكية إلى رأسمالية والآن تمارس النظام الفوضوي».
التشخيص لا يؤدي الى البحث عن بديل سماوي، ولكن المرشد والجماعة يلعبان بأوراق معتادة في لحظة غير معتادة. هل يريد الإخوان غسل «أوساخ» مصر بماء السماء؟ ولماذا اختصت السماء الأستاذ بديع وصحبته بالماء الطهور؟ وما هي العناصر المكونة لماء السماء لتكون قادرة على تغيير مصر من حالة «الوسخ» الى النظافة العمومية على أيدي المرشد وجماعته؟
هل لدى الجماعة خبراء في تنظيف الدول والمجتمعات بماء السماء؟
يبدو أن المرشد كان على راحته في طنطا، وأفلت لسانه بكلمات كاشفة عن لعبة استغلال السماء في الصراع السياسي. لا يحمل الإخوان ولا غيرهم توكيلاً من السماء للوصول الى السلطة. وكما يواجه الرئيس مبارك بأن الله لا يختار الرؤساء، يجب القول للاخوان إن ماء السماء ليس من أدوات العمل السياسي، وتصوير الجماعة على أنها جيش الملائكة التي ستعلم المصريين الفضيلة وتنهي سنوات الضلال، فكرة مستوردة من أيام سلطة الكنيسة، وربما تنطلي على شرائح مسكينة من شعب محروم سياسياً، لكنها فكرة مفضوحة.
لا أحد يحمل تفويضاً من السماء، ولا صكوك غفران، ولا توكيلات من الله بإدارة بلد أو مجتمع.
تصريحات المرشد تشير الى أن الجماعة تتحول الى شركة توظيف سياسي، على غرار شركات توظيف الاموال التي ظهرت في الثمانينيات. هكذا يريد مرشد الجماعة توظيف الاحتقان السياسي، وحاجة المجتمع الى التخلص من الاستبداد والفساد، ليضعها في الرصيد السياسي.
يفرش المرشد بضاعته أمام جمهور لم يعرف من السياسة إلا الكلمات والخدمات. المرشد يبيع البركة في لحظة سياسية خطيرة. وينتظر أن يشتري الناس منه زجاجات الماء الطهور، مع خاتم الصلاحية من السماء.